وعن أبي زيد: الأَدَبُ اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرْج بها الإِنسان في فضيلة من الفضائل. كذا في المغرب. وفي النهاية: والمراد من أدب القاضي هنا هو الخصال الحميدة المندوبة والمدعو إليها، فالأدب للقاضي ما يذكر له من شرائط الشهادة. والقضاء له في اللغة معان كثيرة ترجع كلها إلى انقضاء الشيء وتمامه. فمن تلك المعاني: الأمر نحو قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}. أي أمر بذلك، ولا يصح أن يكون معنى قضى هنا حكم أي قدر وعلم. وإلا لما تخلف أحد عن عبادته؛ لأن ما قدره تعالى وعلمه لا يتخلف. ومنها الأداء نحو قضيت الدين أي أديته. ومنها الفراغ نحو قضى فلان الأمر أي فرغ منه. ومنها الفعل نحو قوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}. أي افعل ما تريده. ومنها الأرادة نحو فإذا قضى الله أمراً. ومنها الموت نحو قضى نحبه. ومنها العلم نحو قضيت إليك بكذا أي أعلمتك به. ومنه قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} ومن هنا صح تسمية المفتي والقاضي قاضينا لأنهما معلمان بالحكم. ومنها الفصل نحو قضى بينهم بالحق ومنها الخلق نحو قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}. أي خلقهن. ومنها الحكم نحو قضيت عليك بكذا أي حكمت عليك به. وهذا المعنى الأخير متلائم مع المعنى الاصطلاحي الذي سنذكره. فالقضاء في اللغة مشترك لفظي بين تلك المعاني السابقة، ومن يتأمل يدرك أن هذه المعاني متقاربة بعضها أيد إلى الآخر، ويجمعها كلها انقضاء الشيء وتمامه كما تقدم. أما معناه في اصطلاح الشرعيين فقد اختلفت فيه عبارات المؤلفين لاختلاف أنظارهم ومقاصدهم. فبعضهم نظر إلى كونه صفة يتصف بها القاضي فعرفه على أنه صفة. وبعضهم نظر إلى المعنى المصدري الذي يحصل من القاضي بين الخصوم؛ فعرفه على أنه فعل القاضي. ثم نظروا إلى المعنى الأول منهم من اكتفى في تعريفه بما يصور الحقيقة تصويراً إجمالياً فلم يأتِ بعبارة مانعة جامعة. ومنهم من جاء بعبارة جامعة مانعة، وكذلك من نظروا إلى المعنى الثاني. ومن المعلوم =