للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، ويمكن أن يُشْبِهَ بالموهوب من جِهَةِ تَغْلِيب معنى النِّحْلَةِ في الصَّدَاقِ.

" فَرْعٌ"

حكى الإِمَامُ تَفْرِيعاً على أن الزَّوْجَ يُمَلَّكُ بالاخْتِيَارِ وجهين، في أن الزَّوْجَةَ، هل تَمْلِكُ التَّصَرُّفَ قبل الاخْتِيَارِ، قال: والقياس أنها تملكه كما قَبْلَ الطَّلاَقِ، وكما أن المتَّهِبَ يَتَمَكَّنُ من التَّصَرُّفَاتِ قبيل رُجُوعِ الوَاهِبِ.

آخر: إذا كان الصَّدَاقُ دَيْناً سَقَطَ نِصْفَهُ بمُجَرَّدِ الطَّلاَقِ، على الأصَحِّ وعند الاختيار على الوَجْهِ الثَّانِي، ولو كان قد أدَّى الدَّيْنَ والمؤدي باقٍ، فهل لها أن تُؤَدِّيَ قَدْرَ النِّصْفِ من موضع آخر؛ لأن العَقْدَ لم يَتَعلَّق بِعَيْنِهِ، أم يتعين حقه فيه لِتعَيُّنِهِ بالدَّفْعِ والتسليم فيه وجهان، أَقْرَبُهُمَا الثاني.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي في التَّغْيِراتِ قَبْلَ الطَّلاَقِ) وَذَلِكَ إِمَّا بِزِيادَةٍ مَحْضَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ مَحْضٍ أَوْ زِيَادَةٍ مِنْ وَجْهٍ ونُقْصَانٍ مِنْ وَجْهٍ (أمَّا النُّقْصَانُ) كَالتَّعَيُّبِ في يَدِهَا فَيَثْبُتُ لَهُ الخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ إِلَى قِيمَةِ النِّصْفِ السَّلِيمِ، وإنْ شَاءَ قَنِعَ بِنِصْفِ المَعِيبِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّ لَهُ الأَرْشَ، وإنْ تَعَيَّبَ في يَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ نِصْفُ المُعَيَّبِ؛ لأَنَّهُ نَقْصٌ مِنْ ضَمَانِهِ إِلاَّ أنْ يَكُونَ بِجِنَايَةِ جَانٍ فالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ مَعَ ذَلِكَ نِصْفَ الأرْشِ، أمَّا الزِّيَادَةُ إِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً سُلَّمَتْ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً امْتَنَعَ رُجُوعُهُ إِلاَّ بِرِضَاهَا، فَإِنْ أعبَتْ غُرِّمَتْ قِيمَةَ الشَّطْرِ، وَإنْ سَمَحَتْ أُجْبِرَ (و) عَلَى القَبْولِ.

قَالَ الرافِعيُّ: إذا أصْدَقَ امْرَأتَهُ عَيْناً، وطَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ، فتلك العَيْنُ عند الطَّلاَقِ، إما أن تكون تَالِفَةً، أو باقِيَةً.

إن كانت تالِفَةً فالزَّوْجُ يَرْجِعُ إلى نِصْفِ مِثْلِهَا، إن كانت مِثْلِيَّةً، ونصف قيمتها إن كانت متَقوِّمَةً. وإن كانت بَاقِيَةً، فإن لم يَحْدُثْ فيها تَغَيُّرٌ رجع إلى نِصْفِ العَيْنِ، كما سَبَقَ، وإن حدث تَغَيُّرٌ، وهو مَقْصُودُ الفَصْلِ وترجمته، فذلك التَّغَيُّرُ إما أن يَكُونَ بِنُقْصَانٍ مَحْضٍ، أو بزيادة مَحْضَةٍ، أو بهما، فهذه ثلاثة أقسام:

الأول: النُّقْصَانُ المَحْضُ، وهو إما نُقْصَانُ صِفَةٍ، أو نقصان جزء.

النوع الأول: نقْصَانُ الصِّفَةِ: كالتَّعَيُّبِ بالعَمَى، والعَوَرِ، ونِسْيَان الحِرْفَةِ، ينظر إن حدث في يَدِها، فالزَّوْجُ بالخيار، إن شاء رَجَعَ إلى نِصْفِ قِيمَةِ الصَّدَاقِ سَلِيمًا وأَعْرَضَ عن عَيْبِهِ، وإن شاء قَنِعَ بنصف النَّاقِصِ، ولا أرْشَ له، كما إذا تَعَيَّبَ المَبِيعُ في يد البائع، يَتَخَيَّرُ المُشْتَرِي بين أن يَفْسَخَ المبيع، ويُسْتَرِدَّ الثمن، وبين أن يَقْنَعَ بالمَعِيب، ولا أَرْشَ له، وليس ما نحن فيه، كما إذا نَقَصَ الصَّدَاقُ في يَدِ الزَّوْجِ، وأجازت

<<  <  ج: ص:  >  >>