للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من ألحقه بِتَنْقِيَةِ البالوُعَة، وفيها خلافٌ يأتي لأنَّه يمنع التردُّد في الدار، وإن أخذنا بظاهِرِ المذهْبَ، فقوله في الكتاب: "عن الثلج الخفيف" ليس مذكوراً للتَّقْييد.

ويَجِبُ على المكْرِي تَسْلِيمُ الدارَ، وبالوعتُها فارغة، وكذا الحُشُّ، ليثبت التمكُّن من الانتفاع، وإن كان مملوءاً، فللمكتري الخيار، وكذا مستنْقَعُ الحمَّام، وهو الموضِعُ الذي تنصبُّ إليه الغَسَّالة، وإذا امتلأَتِ البالوعةُ، والحُشُّ، ومستنقع الحمام في دوام الإجارة، فوجهان:

أحدهما: وبه قال أبو حنيفة رضي اللهُ عنه، واختاره القاضي الرُّويانيُّ أَنَّ التفريغَ على المكري تمْكِيناً من الانتفاع من بقيَّة المرة (١) فإن لم يفْعَلْ، فللمكتري الخيار، وأظهرُهما، وبه أجاب القاضي المَاوَرْديُّ، وابْنُ الصَّبَّاغ، والمتولِّي: أنَّهُ على المكتري لأنَّ الامتلاء حصَل بفعْله، فصار كنقل (٢) الكُنَاسَات، فإنْ تعذَّر الانتفاعُ، فلينقِّ، ولا خِيَارَ له. وفيه وجه: أنَّ له الخيارَ، ولا يجبُ على المكتري تنقية البالوعة، والحُشِّ عند انقضاء المُدَّة، ويجبُ عليه التطهيرُ من الكناسات ومستنْقَعُ الحَمَّامِ لا يجب تفريغه؛ كالحُشِّ. وذكر الإمامُ، وصاحب الكتاب أن رماد الأَتُونِ كالكُنَاسة، حتى يَجِبَ نقله عنْد انقضاء المدَّة.

وفي "التهذيب" أنَّه لا يجبُ، ويخالف القِمَامَاتِ [لأن طرحَ الرِماد من ضرورة استبقاء المنفعة، وفسروا الكناسة التي يجب على المكتري تطهير الدار عنها] (٣) بالقُشُور، وما يسقط من الطعام ونحوه دُون التراب الذي يجتمع بهبوب الرِّياح؛ لأنه حَصَل لا بفعله، لكن قد مَرَّ في ثلْج على العَرْصَة؛ أنه لا يجبُ على المُكْتَرِي نقْلُه، بل هو كالكناسات (٤) مع أنه حَصلَ، لا بفعْله، [فيجوز أن يكون التُّرَابُ -أيضاً- كالكناسات في إنهاء الإجارة، وإن حَصَل لا بفعْله (٥)].

[فرع]

الدار المكتراةُ للسُّكْنى لا يجوز طرْحُ الرمادِ والترابِ في أصْلِ حِيطانها , ولا ربْطُ الدواب فيها، بخلاف وضْع الأمتعة. وفي جواز طرْحِ ما يسرع إليه الفساد في الأطْعمة وجهان: أصحُّهما: الجوازُ؛ لأنه معتاد.


(١) في ز: الملك.
(٢) في ب: كل.
(٣) سقط في: ب.
(٤) في ز: كالنجاسات.
(٥) قال النووي: هذا الاحتمال ضعيف. والصواب: أنه لا يلزم المستأجر نقل التراب كما قاله الأصحاب، وليس المراد بما سبق في ثلج العرصة أنه يلزم المستأجر نقله، بل المراد أنه لا يلزم المؤجر، فكذا هنا لا يلزم واحداً منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>