للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا الأَرَاضِي إِذَا اسْتُؤْجِرَتْ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا شِرْبٌ مَعْلُومٌ فَالعُرْفُ فِيهِ الاِتِّبَاعُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ، وَإِنْ كَانَ العُرْفُ مُضْطَرباً فالأَصَحُّ أَنَّهُ لاَ يُتَّبَعُ، وَقِيل: إِنَّ لَفْظَ الزِّرَاعةِ كالشَّرْطِ لِلشرِّبِ، وَقِيلَ: يَفْسُدُ لِأَجْلِ هَذَا التَّرَدُّدِ.

قال الرَّافِعِي: القسم الثَّاني: الأراضي البِيضُ، فمنْ مسائله:

قال الغزاليُّ: إذا استأجر أرْضاً للزِّرَاعة، ولها شِرْبٌ معلومٌ ,. فإنْ شُرِطَ دخوله في العقد (١)، أو خروجُه، أَتُّبع الشرط، وإلاَّ فإن اطردت العادةُ باتباعه الأرضَ أو انفراده، اتُّبِعت، وإن اضطربت، فكانت الأَرْضُ تُكْرَى وَحْدَها تارةً، ومع الشّرْب تارةً أخرى، ففيه ثلاثةُ أوجه:

أظهرُها: أنَّه لا يُجْعَل الشِّرْب تابعاً اقتصاراً على موجِبِ اللفظ، وإنما يزاد عَليْه بعُرْفِ مُطَّرد.

والثاني: -وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه: يجعل تابعاً؛ لأنَّ الزراعةَ مفتقرةٌ إليه فالإجارة للزراعة كشرط الشِّرْب.

والثالث: أنَّ العَقْدَ يبطلُ من أصله؛ لأن تعارضَ المعنيين يوجبُ جهالة المقصُود.

قَالَ الغَزَالِيُّ: فَإِنْ مَضَتِ المُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ وَإِنَّمَا بَقِيَ لِتَقْصِيرِهِ في الزِّرَاعَةِ قَلَعَ مَجَّاناً، وَإِنْ كَانَ لِغَلَبَةِ البَرْدِ لَمْ يَقْلَعْ مَجَّاناً فَإنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ، وَإِنِ اسْتُؤْجِرَ لِزِرَاعَةِ القَمْحِ شَهْرَيْنِ فَإِنْ شَرَطَ القَلْعَ بَعْدَ المُدَّةِ جَازَ وَكَأنَّهُ لاَ يَبْغِي إِلاَّ القَصِيلَ، وَإِنْ شَرَطَ الإِبْقَاءَ فَهُوَ فَاسِدٌ لِتَّنَاقُضَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّأْقِيتِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَقِيلَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ وَيُنَزَّلُ عَلَى القَلْعِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَفْسُدُ إِذِ العَادَة تَقْضِي بالإِبْقَاءِ، وَكَذا إنْ آجَرَ للبِنَاءِ وَالغِرَاسِ سَنَةً أَوْ سَنَتَينِ اتَّبَعَ الشَّرْطَ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَهُوَ كَالزَّرْعِ الَّذِي يَبْقى، وَحَيْثُ صَحَّحْنَا فَفِي جَوَازِ القَلْعِ مَجَّاناً بَعْدَ المُدَّةِ خِلاَفٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لاَ يَقْلَعُ كَمَا في العَارِيَّةِ المُؤَقَتَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَقْلَعُ إِذْ فَائِدَةُ التَّأْقِيت فِي العَارِيَّةِ طَلَبُ الأُجْرَةِ بَعْدَ المُدَّةِ وَلاَ فَائِدةَ هَاهُنَا إِلاَّ القَلْعُ، فَإِنْ قُلْنَا: لا يَقْلَعُ مَجَّانًا فَهُوَ كَالمُعِير يَتَخَيَّرُ بَيْنَ القَلْعِ بِالأَرْشِ أَوِ الإبْقَاءِ بأُجْرَة أوِ التَّمَلُّك بِعوضَ، وَمُبَاشَرَةُ القَلْعَ أَوْ بَدَلُ مُؤْنَتِهِ عَلَى الآجِرِ أو المُسْتَأَجِرْ فِيهِ خِلاَفٌ، فَإِنْ مَنعَ المُسْتأَجِرُ مَا عَيَّنَهُ الآجِرُ قيلَ: إِنَّهُ يَقْلَعُ مَجَّانَاَ تَفْرِيغاً لِمِلكِهِ، وَالأَقْيَسُ: أنَّه يُقْلعُ ويَغْرَمُ لَهُ وَلاَ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِامْتِنَاعِهِ.


(١) في ز: البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>