للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعذره (١).

[فرع]

قد مر أن منافع المغصوب مضمونة فلو كانت الأجرة في مدة الغصب متفاوتة فيما يضمن؟ فيه ثلاثة أوجه، حكاها القاضي أبُو سَعْدٍ بْنُ يُوسُفَ (٢).

أضعفها: أنها بالأكثر في جميع المدة.

وأظهرها: أنها تضمن في كل بعض من أبعاض المدة بأجره مثلها.

والثالث: أن الأمر كذلك إن كانت الأجرة في أول المدة أقل، وإن كانت أكثر ضمنها بالأكثر في جميع المدة؛ لأنه لو كان المال في يده، فربما يلزمه بها في جميع المدة والله اعلم.

قال الغزالي: وَإِنْ تَنَازَعَا فيِ تَلَفِ المَغْصُوبِ فَالقَوْلُ قَوْلُ الغَاصِبِ (و) لأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجَزُ عنِ البيِّنَةَ وَهُوَ صَادِقٌ، فَإِنْ حَلَفَ جَازَ طَلَبُ القِيمَةِ وَإِنْ كَانَ العَيْنُ بَاقِيَةً بِزَعْمِ الطَّالِبِ للعَجْزِ بِالحَلِفِ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَنَازَعَا في القِيمَةَ أَوْ في صَفْقِةَ العَبْدِ (و) أَوْ في عَيْبٍ (ز) يُؤثِّرُ في القِيمَةِ فَالقَوْلُ قَوْلُ الغَاصِبِ لأَنَّ الأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِمَّةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَنَازَعَا


(١) قال النووي: قد حكى صاحب "البيان" عن القفال: أن المالك لا يملك القيمة المأخوذة للحيلولة، بل ينتفع به على ملك الغاصب، لئلا يجتمع في ملكه البدل والمبدل، وهذا شاذ ضعيف نبهت عليه لئلا يُغتر به.
قال في "البيان": ولو ظهر على المالك دين مستغرق، فالغاصب أحق بالقيمة التي دفعها؛ لأنها عين ماله. وإن تلفت في يد المالك، رجع الغاصب بمثلها. وإن كانت باقية زائدة، رجع في زيادتها المتصلة دون المنفصلة. قال القاضي أبو الطيب، والجرجاني: هذا إذا تصور كون القيمة مما يزيد وصورها في المهمات نقلاً عن بعض الفضلاء بما إذا كانوا في بلد يتعاملون بالحيوان، وصوَّرها في الكفاية بأن يكون المالك اعتاض عن القيمة شاة مثلاً، فإن عند القاضي أبي الطيب أنه إذا استعوض من له ثمن في ذمة شخص عنه عيناً، ثم رد المبيع بعيب أنه يجب أن يرد الغير، فعلى هذا يسترجع الشاة هنا لكن هذا وجه، والأصح أنه يرجع بالثمن، وأيضاً فالزيادة هنا في العوض عن القيمة لا في نفس القيمة، فالتصوير مشكل.
(٢) القاضي أبو سَعْد، بسكون العين، محمد بن أحمد بن يوسف الهروي. أخذ عن أبي عاصم العبّادي، وشرح تصنيفه في "أدب القضاء" وهو شرح مشهور مفيد، وتولى قضاء همذان. واعلم أن عبد الغافر الفارسي، ذكر في كتاب "الذيل" أن القاضي أبا سعد، قتل شهيداً مع أبيه في جامع همذان، في شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وأنه كان رجلاً من الرجال، وداهية من الدهاة، إلا أنه خالف المذكور أولاً في الأب، فقال: محمد بن نصر بن منصور، فيجوز أن يكون أباه، وأن يكون غيره ينظر طبقات الشافعية للأسنوي ٢/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>