للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الثَّوبِ الَّذيِ عَلَى العَبْدِ؛ لأَنَّ العَبْدَ وَثَوْبَهُ في يَدِ الغَاصِبِ.

قال الرافعي: المقصود من بقية الباب الكلام في تنازع المالك، والغاصب، وذلك يقع على أنحاء: منها: إذا ادعى الغاصب تلف المغصوب، وأنكر المالك، فالصحيح وهو المذكور في الكتاب أن القول قول الغاصب مع يمينه؛ لأنه قد يعجز عن البينه، وهو صادق، فلو لم نصدقه لتخلد الحبس عليه، ولما وجد عنه مخرجاً.

وفيه وجه: أن القول قول المالك مع اليمين؛ لأن الأصل بقاؤه. وإذا قلنا بالأول، فلو حلف الغاصب، هل للمالك تغريمه القيمة أو المثل؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، لبقاء العين في زعمه.

وأصحهما: نعم (١)، وهو المذكور في الكتاب؛ لأنه عجز عن الوصول إليهما بيمين الغاصب، وإن كانت باقية.

ومنها: إذا اتفقا على الهلاك، واختلفا في قيمته، فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل براءة ذمته عن الزيادة، وعلى المالك البيِّنة، وينبغي أن يشهد الشهود بأن قيمته كذا.

أما إذا أراد إقامة البينة على صفات العبد ليقومه المقومون بتلك الصفات، فعن صاحب "التقريب" حكاية قول أنها تقبل، ويقوم، وينزل على أقل الدرجات كما في السلم. والمذهب المنع لأن الموصوفين بالصفات الواحدة يتفاوتون في القيمة، لتفاوتهم في الملاحة، وما لا يدخل تحت الوصف. قال الإمام: لكن المالك يستفيد بإقامة البينه على الأوصاف إبطال دعوى الغاصب مقداراً حقيراً لا يليق بتلك الصفات، كما لو أقر الغاصب بصفات في العبد تقتضي النفَاسة، ثم قَوَّمَهُ بشيء حقير، لا يليق بها لا يلتفت إليه، بل يؤمر بالزيادة إلى أن يبلغ حدّاً يجوز أن تكون قيمته لمثل ذلك الموصوف ولو قال المالك: قيمته ألف، وقال الغاصب: بل خمسمائة، وجاء المالك ببينه على أنها أكثر من خمسمائه من غير تقدير.

منهم من قال: لا تسمع البينه هكذا.


(١) قال الأذرعي: لا خفاء أن محل الوجهين فيما يحتمل القاء لا فيما لا يحتمله كالرياحين والأمراق ونحوها مع طول المدة. قال في "الخادم": يجب أن يكون محل تصديق الغاصب إذا لم يذكر سبباً أو ذكر سبباً خفياً، أما لو ذكر سبباً ظاهراً، فالظاهر أنه لا يصدق إلا بعد إقامة البينة على أصل السبب إلا يعلم أن عمومه كالمودع وأولى لتعديه. ثم نقل عن صاحب "المطلب" نظير ذلك. قال الفارقي: وللغاصب إجبار المالك على أخذ البدل لتبرأ ذمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>