للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأكثرون: سمعوها، وقالوا: فائدة السماع أن يكلف الغاصب الزيادة على الخمسمائة، إلى حد لا تقطع البينة بالزيادة عليه، ولو قال المالك: لا أدري كم قيمته؟ لم تسمع دعواه لقوله حتى يبين، وكذا لو قال الغاصب: أعلم أن قيمته دون ما ذكره، ولا أعرف قدره لم تسمع حتى يبين، فهذا بين حلف عليه.

ومنها: لو قال المالك: كان العبد كاتباً أو محترفاً، وأنكر الغاصب، فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل عدمه وبراءة ذمته.

وحكى العراقيون من أصحابنا وجهاً أن القول قول المالك؛ لأنه أعرف بحال مملوكه، ولو ادعى الغاصب به عيباً، وأنكر المالك نظر إن ادعى عيباً حادثاً بأن قال: كان أقطع أو سارقاً، ففي المصدق منهما قولان:

أحدهما: الغاصب؛ لأن الأصل براءة الذمة.

وأصحهما: المالك؛ لأن الأصل والغالب دوام السلامة، ولو ادعى عيباً في أصل الخلقة بأن قال: كان أَكْمَه، أو وُلِدَ أعرج، أو عدم اليد، والمصدق الغاصب؛ لأن الأصل العدم، والمالك متمكن من إثباته بالبينة.

وفيه وجهان آخران؟

أحدهما: تصديق المالك نظراً إلى غلبة السلامة.

والثاني: الفرق بين ما يندر من العيوب وما لا يندر ولفظ الكتاب في الغصب، وإن كان مطلقاً، لكن في "الوسيط" ما يبين أنه أراد به العيب الخِلقي، ولو رد المغصوب، وبه عيب وقال: غصبته هكذا، وقال المالك: بل حدث العيب عندك.

قال في "التتمة": المصدق الغاصب (١) لأن الأصل براءة ذمته، وعدم يده على تلك الصفة.

منها: لو تنازعا في الثياب التي على العبد، فالمصدق الغاصب؛ لأن العبد وما عليه في يد الغاصب، هذه صورة الكتاب في الاختلاف.

ومنها: لو قال: غصبت منى داراً بـ"الكوفة"، فقال: بل غصبت دارك بـ"المدينة"، فالقول قول المدعى عليه في أنَّه لم يغصب دار "الكوفة"، وأما غصبت دار المدينة، فإن وافقه المدعى عليه ثبت، وإلاَّ ارتد إقراره بتكذيبه (٢).


(١) وقاله ابن الصباغ أيضاً ونقله في "البيان". قال النووي في الروضة ٤/ ١١٩.
(٢) ومثله لو قال: غصبت منى عبداً فقال: بل جارية ونحو ذلك. ينظر الروضة ٤/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>