ومنها: غصب خمراً محترمة، وهلكت عنده، ثم قال المغصوب منه: هلك بعد التخليل، وقال الغاصب: بل قبلها، فلا ضمان على المصدق الغاصب.
لأن الأصل بقاء الخمرية، وبراءة ذمته.
ومنها: قال طعامي الذي غصبته كان حديثاً، وقال الغاصب: بل عتيقاً، فهذا كالخلاف في كون العبد كاتباً، والمصدق الغاصب، فإن نكل عن اليمين حلف المالك، ثم له أن يأخذ العتيق، فإنه دون حقه (١).
ومنها: باع عبداً من إنسان، فجاء آخر يدعى أنه ملكه، وأن البائع كان غصبه منه، فلا شك أن له دعوى عين العبد على المشتري، وفي دعواه القيمة على البائع ما ذكرناه في الإقرار، فإن ادَّعى العين على المشتري، فصدقه أخذ العبد منه، ولا رجوع له بالثمن على البائع المكذب، فإن كذبه، فأقام المدعى عليه بينه، أخذه ورجع المشتري بالثمن على البائع، فإن لم يقم البينة، ونكل المشتري حلف المدعي، وأخذه، ولا رجوع للمشتري بالثمن لتقصيره بالنكول، وإن صدقه البائع دون المشتري لم يقبل إقرار البائع على المشترى، وبقي البيع بحاله، إلاَّ أن يكون إقراره بالغصب في زمن الخيار، فيجعل ذلك فسخاً للبيع، ثم عاد العبد إلى البائع بإرث، أو رد بعيب لزمه تسليمه إلى المدعي، وإن صدقه البائع والمشتري جميعاً، سلم العبد إلى المدعي، وعلى البائع رد الثمن المقبوض على المشتري، إن بقي بحاله وضمانه إن تلف.
ولو جاء المدعي بعد ما أعتق المشتري العبد، وصدقه البائع والمشتري، لو يبطل العتق، سواء وافقهما العبد، أو خالفهما لما في العتق من حق الله -تعالى- ولهذا سمعت شهادة الحسبة عليه، بخلاف ما لو كاتبه المشتري، ثم توافقوا على تصديق المدعي؛ لأن الكتابه قابلة للفسح، وللمدعي في مسألة الإعتاق قيمة العبد على البائع، إن اختص بتصديقه، إذا أوجبنا الغرم للحيلولة، وعلى المشتري إن اختص بتصديقه، وعلى من شاء منهما، إن صدقاه جميعاً وقرار الضمان على المشتري، إلاَّ أن تكون القيمة في يد البائع أكثر، فلا يطالب المشترى بالزيادة، ولو مات المعتق، وقد اكتسب أموالاً كانت للمدعي؛ لأن المال خالص حق الآدمي، وقد اتفقوا على أنه هو المستحق، بخلاف العتق، فإن تصادقهم فيه إنما لم يؤثر لما فيه من حق الله -تعالى- هكذا أطلقوه.
قال الإمام: وهو منزل على الأكساب التي يستقل العبد بها، فأما الأكساب التي يحتاج فيها إلى أذن السيد، فإن المدعى لا يستحقها، إن اعترف بخلوها عن