وقال أبو حنيفةَ: ما اكتسبَهُ في حالِ الإسْلاَم يَرِثُهُ المسلمون من أقاربه.
لنا: حديثُ أسامة بنْ زيد -رضي الله عنه- وقياسُ المتنازع فيه على المُتَّفَقِ عليه، وأبدى الإمامُ احتمالاً في توْرِيث المرتدِّ من المرتد على قولنا: أنَّ مِلْكَ المرتدِّ لا يزُولُ إلاَّ بالمَوْتِ، تخريجاً من قولنا إنَّ ولد المُرْتَدِّ من المرتدِّة مُرْتَدٌّ ولا ينزَّل التحاقه بدار الحَرْب منْزلةَ مَوْتِهِ.
وقال أبو حنيفَة: ينزل منزلِةَ المَوْتِ، حتَّى يقسَّم مالُه بيْن ورثَتِهِ وتُحَلُّ ديونُهُ وُيعْتَق مدبَّرُهُ، قال: فلو رجَع مُسْلِماً ردَّ الورثة ما بَقِيَ في أيديهم، وما اسْتَهْلَكُوا وتصرَّفوا فيه، لَمْ يلزمْهُم ضمَانُهُ. هذا من المرتَدُّ الذي يظْهُرُ كُفْرُه.
وكذا الحُكْم في المرتد بالزَّنْدَقَةِ الذي يُخْفي الكفرَ، ويتجمَّل بالإسلام، خلافاً لمالكٍ؛ حيث قال: مالُهُ لورثَتِه المُسْلمين، والله أعْلَم.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الرقيقُ لا يَرِثُ، واحتجَّ له بأنَّه لو وَرِثَ، لكَانَ الملك للسَّيِّد، والسَّيِّد أجنبيٌّ عن الميِّت، فلا يمكن توريثُهُ منْه، ولم يقُولُوا: إنه يرثُ العَبْد ثم يتلقَّاه السَّيِّد بحَقِّ الملك، وسواءٌ استمرَّ الرقُّ أو عَتْقَ قَبْل قسْمة التركَةِ، خلافاً لأحمد -رحمه الله-.
من الحالة الثَّانيَةِ: ولا يرثُ من الرقِيقِ أحدٌ؛ لأنه لا مِلْكَ له، وِإذَا قلْنا إِنه يملك بتمليك السيِّد، فهو مِلْكٌ غيرُ مستقرِّ، يعُودُ إلى السَّيِّد، إذا زال الملْكُ عنْ رقَبَتِهِ، كما إذا باعه، ويستَوِي في ذَلِكَ القِنُّ والمكاتَبُ والمِدَبَّر، وأمُّ الولدِ، فلا يرثُونَ، ولا يُورَثُون. وعن أبي حنيفةَ ومالِك أنَّ المكاتَبَ، إذا مات عن وفاء فما يفضل عن النجُومِ لورثَتِهِ؛ لأنه يمُوتُ حرًا عنْدَهما، وأما مَنْ بعضُهُ حرٌّ وبعْضُهُ رقيقٌ، فلا يرثُ أيضاً؛ لأنَّه لو ورث لكان بعْضُ المالِ لِمَالِكِ البَاقِي، وهو أجنبىٌّ عن الميت.