للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القديمُ، وبه قال أبو حنيفة ومالك: أنَّه لا يُورَثُ عنْهُ، كما أنه لا يَرِثُ.

والجديد، وبه قال أحمد (١): أنه يرث؛ لأنَّ ملْكه تامٌّ على ما في يده؛ فاشْبَه الحُرَّ. فإن قلْنا بالقديمِ، فما ملكه بالبَعْض الحُرِّ، لمن يكُون؟ فيه وجهان:

أظهرهما: عند أكثرهم، وحَكُوه عن نصِّه في القديم: أنَّه لمالِكِ الباقي؛ لأنَّه نقصٌ مَنَع الإرْث، فصار كما لو كان كلُّه رقيقاً.

والثاني: أنَّه لبَيْتِ المالِ، ويُنْسَب هذا إلى تخريج الإِصطخريِّ.

ووجهه أنَّ مالِكَ الباقِي قد أخَذَ حقَّه منْ كسْبه، وهذا مملوك بالحرِّيَّة.

ونقل الفرضيون هذا الوَجْه عنِ ابن سُرَيْجٍ (٢).

وقالوا: إنه الصحيحُ؛ لأنَّه ليس لمالكِ الباقي على الجرِّ مِنَّةٌ ولا ولاء، ولا مِلْكٌ، ولا نَسَبٌ، فلا مَعْنَى لصَرْفِه إلَيْه.

وإن قلْنا بالجديدِ، فهو لِمَنْ له مِنْ قريبٍ أو مُعْتَقٍ.

وفي القدْرِ المَوْرُوثِ وجْهان، حكاهما ابنُ اللَّبَّان والإمَامُ:

أحدُهُمَا: أنَّ ما جَمَعَهُ بنصفه الحرِّ يتقسَّط علَى مالكِ الباقي والورثة بقَدْر ما فيه مِنَ الرقِّ والحرِّيَّة، فإذا كان نصْفُهُ حُرّاً، ونصفُهُ رقيقاً، فنصفُ ما جَمَعَهُ بنصْفِه الحرِّ للسيِّد، ونصفه للورثة, لأنَّ سبب الإرْثِ الموْتُ، والموتُ حلَّ جميع بدنه، وبدنه ينقسِمُ إلى الرقِّ والحرِّيَّةِ، فينقسِمُ ما خلَّفَهُ.

وأصحُّهما: أنَّه يملك جميعَ ما مَلَكَهُ بنصْفِهِ الحُرِّ؛ لأن مالِكَ الباقي قد استوفى نصيبَهُ بحق الملك؛ فلا سبيلَ لَهُ علَى البَاقِي.

وقولُه في الكتاب: "ومن نصْفُه حرٌّ ونصفُهُ رقيقٌ لا يرثُ" يجوز أن يُعْلَمَ مع الألف بالواو والزاي.

أما الواو؛ فلأن أبا عبْد الله الحناطيَّ روَى عن ابْنِ سُرَيْجٍ وجهاً أنه يرِثُ بقَدْر ما فيه من الحرِّيَّة.

وأما الزايُ، فلأن المُزَنِيَّ، لَمَّا نقَلَ عن الشافعيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن نصف العَبْد، إذا كان حُرّاً يرثُهُ أبُوهُ، إذا مَاتَ.

قال: والقياسُ علَى قوله: أنه يَرِثُ منْ حيثُ يُورَثُ، فمن الأصحابِ مَنْ قال: قصَدَ بهذا الكلامِ الاحْتجاجَ علَى أنَّه لا يُورَثُ إذ: لو وَرِثَ، لَوَرَّث.


(١) سقط من: ب.
(٢) سقط من: د.

<<  <  ج: ص:  >  >>