للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المُعَلِّلُونَ بِالسَّقْيِ إذا تَرَاضَيَا على الرُّجُوع في الحال، على أن يَسْقِيَ من شاء منهما مُتَبرِّعاً، أو على أن يَتْرُكَا أو أحدهما السَّقْي، فمن الْتَزَمَ أن يَسْقِي، فهو وَعْدٌ لا يلزمه الوَفَاءُ به، لكنه إذا لم يَفِ تَبَيَّنَ أن المِلْكَ لم يَعُدْ إلى الزوج، ومن تَرَكَ السَّقْيَ لم يمكن من العَوْد إليه.

قال الإِمام: لأن مَضْمُونَ ما تَرَاضَيَا عليه تَعْجِيلُ حَقٍّ، والْتِزَامُ ضَرَرٍ، وألزمنا بأن الضَّرَرَ إذا تَبعَ تَعْجِيلَ حَقٍّ، ولزم هذا مَحْصُولُ المسألة، ولم أَرَ تَعَرُّضًا فيها للسَّقْيِ، إلا الإِمام ومن نَحَا نَحْوَهُ.

وظهور النَّوْرِ في سائر الأَشْجَارِ إذا جعلت صَدَاقًا كَبُدُوِّ الطَّلْعِ النَّخِيلِ، وانعقاد الثمار مع تَنَاثُرِ النَّوْرِ كالتَّأْبِيرِ في النخيل.

أما لَفْظُ الكتاب فقوله: "ويعسر التَّشْطِير" أي: في النخيل "إلا بِمُسَامَحَةٍ" أي: من أحد الجَانِبَيْن "أو مُوَافَقةٍ" وهي التَّرَاضِي من الجانبين، ثم انْدَفَعَ في بَيَانِ جِهَةِ العُسْرِ، وقال: "إذ ليس له أَن يُكَلِّفَهَا" إلى قوله: "ولا تركه"، وقوله: "وليس له أن يرجع، ويقول: إليك الخيرة" هذه صورة من صُوَر المُسَامَحَةِ، وقوله: "فإن سَامَحَ أَحَدُهُمَا، والتزم السَّقْيَ" أي قال لها: أرْجِعُ وأَسْقِي، أو قالت له: ارْجِعْ وأنا أسْقِي، فهذه صورة ثانية.

وقوله: "وإن وهبت منه نِصْفَ الثمار" هذه صورة ثَلاِثَةٌ من صور المُسَامَحَةِ.

وقوله آخراً: "فإن تَرَاضَيَا على الرُّجُوعِ" هو صورة المُوَافَقَةِ، وقد يَتَرَاضَيَانِ على أن يَسْقِيَ من شَاءَ منهما مُتَبَرِّعاً، وقد يَتَرَاضَيَانِ عليه، ويلزم أحدهما، أو كلاهما السَّقْي، أو يَرْضَى أحدهما بِتَرْكِ السَّقْي، أو كلاهما، ولم يُصَرِّحْ بهذه الأحوال فيما إذا تَرَاضَيَا، واقْتَصَرَ على إذا قَالاَ: على أَنْ يَسْقِيَ مَنْ شاء، لكن قوله: "فمن وعدَ بالسَّقْي لم يلزمه، ومن رَضِيَ بِتَرْكِ السَّقْي لزمه" يخرج إلى التعرض لهما، وَيدُلُّ على أنه أَرَادَهُمَا جَمَيعاً على ما هو مُبَيَّنٌ في "الوسيط".

" فَرْعٌ"

لو أصْدَقَهَا نَخُلَةً، عليها ثمار مُؤَبَّرةٌ، وطلقها قبل الدُّخُولِ، فله نِصْفُ الثمار، مع نصف النخلة، جُذَّتِ الثِّمَارُ أو لم تجذ (١).

وإن كانت مُطْلِعَةَ فإن طَلَّقَهَا، وهي بعد مطْلِعَةْ أخذ نصْفَهَا مع الطَّلْعِ.


(١) قال الشيخ البلقيني: المراد إذا أصدقها الثمرة معها، وهذا واضح من القواعد والشواهد، فأما لو أصدقها النخلة وسكت، فإن الثمرة المؤبرة تكون للزوج جزمًا، وحينئذٍ فإذا طلق تكون الثمرة بكمالها له بالملك المستمر ونصف النخلة بالطلاق قبل الدخول.

<<  <  ج: ص:  >  >>