للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطَّلاَقِ، يكون مَضْمُوناً عليها، وفيه اختلاف تَقَدَّمَ.

فإن قال الزوج: أَرْجِعُ، ويكون نَصِيبِي من النَّخِيلِ وَدِيعَة عِندَكِ، وقد أَبْرَأْتُكِ عن ضَمَانِهِ، ففي شرح الجُوَيْنِي حكايته وجهين فيه، ولهما الْتِفَاتٌ إلى إِبْراءِ الغَاصِبِ عن الضَّمَانِ، مع بَقَاءِ المَغْصُوبِ في يده، وزاد من نظر إلى أمْرِ السَّقْي، وقال: ليس للمرأة أن تَقُولَ: ارجع واسْقِ؛ لأن فَائِدَةَ السَّقْي تَعُودُ إلى نَصِيبِهَا في الأَشجار، وإلى الثمار، وهي خَالِصَةٌ لها، ولا أن تَقُولَ: ارجع ولا تَسْقِ؛ لأن نَصِيبَهُ من الشجر يَتَضَرَّرُ بترك السَّقْي، ولو قالت: ارْجِعْ وأنا لا أسْقِي، وإليك الخِيَرَةُ في السَّقْي، وتركه، أو قال الزوج: أرْجِعُ ولا أَسْقِي، وإليك الخِيَرَةُ في السَّقْي، وتركه، فلا تَلزم الإِجابة على الآخر؛ لأنه إن تَرَكَ السَّقْيَ تَضَرَّرَ، وإن سَقَى كانت المؤنة عليه، وعَادَ بعْضُ الفائدة إلى صَاحِبِهِ، ولو قال الزوج: أَرْجِعُ إلى النصف وأسْقِي، والتزم مُؤْنَتَهُ، أو قالت المرأة: ارْجِعْ وأنا أسْقِي، فهل على الآخر إجَابَتُه؟ حَكَوُا فيه وجهين:

أحدهما: نعم؛ لأن المُؤَنَةَ ترتفع عن الآخر، فيندفع العشر.

وأظهرهما: المنع؛ لأنه وَعْدٌ، وربما لا يَفي به ولأن المُمْتَنِعَ لا يَرْضَى بدخول صاحبه البُسْتَانِ للسَّقْي، فإن قلنا بالأول فلو بَدا لِمَنِ الْتَزَمَ السَّقْيَ، وامتنع منه تَبَيَّنَ أن المِلْكَ لم يَرْجِعْ إلى الزوج، وكأنه مَوْقُوفٌ على الوَفَاءِ بالوَحْدِ، وألْحَقُوا بهذه الصورة ما إِذا أَصْدَقَها جَارِيَةً، فَوَلَدَتْ في يدها وَلَداً، مَمْلُوكاً، ثم طَلَّقَها قبل الدخول، فقال الزوج: أرْجِعُ إلى نِصْفِ الجارية، وأرْضَى بأن تُرْضِعَ الولد، ففيه الوجهان.

قال الإِمام: ونصَّ الشَّافعي -رضي الله عنه- يَدُلُّ على أنه لا يُجابُ ولو قال: أرْجِعُ وأَمْنَعُهَا من الإرْضَاعِ، لم يجب، بلا خِلاَفٍ، وفي هذه المسألة وَرَاءِ الإرْضَاع، ومُضِيِّ زمانه شَيْءٌ آخر، وهو ما يَقَعُ من التَّفْرِيقِ بين الجارية وَوَلَدِها، وقد نَقَلْنَا ما حَكَاهُ صاحبا "التتمة" ["والشامل"] (١) فيه.

الرابعة: لو وَهَبَ منه نِصْفَ الثمار، ليشتركا في الثِّمَارِ والأشجار جميعاً، ففي وجوب القَبُولِ وجهان وجه الوُجُوب أنها مُتَّصِلَةٌ بالأَشْجَارِ، فأشبهت الطَّلْعَ والسِّمَنَ في الحيوان والأصح ما ذكر صاحب "التهذيب" وغيره: المَنْعُ؛ لأن الإِجْبارَ على قَبُولِ مِلْكِ الغير بَعِيدٌ، والثمار المُؤَبَّرَةُ في حُكْمِ المُنْفَصِلِ، ولهذا لا يَدْخُلُ في بيع الأشجار.

الخامسة: إذا تَرَاضَيَا على الرُّجُوعِ إلى نِصْفِ الأَشْجَارِ في الحال أو على تأخير الرجوع إلى الجُذَاذِ مُكِّنَا مما تَرَاضَيَا عليه، وإذا بَدَا لأحدهما في التَّأْخِيرِ. مُكِّنَ من الرجوع عنه.


(١) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>