للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرقبة والفِدَاء، وجب على الوَرَثَةِ تَحْصِيلُ العِتْقِ، ولا [يخرج] (١) على ذلك الخلاف.

ولو كانت جِنَايَةُ المُدَبَّرِ تَسْتَغرِقُ ثُلُثَ الرَّقَبَةِ مَثَلاً، ومات السيد فَفَدَاهُ الوَارِثُ من مَالِهِ، ففي وَلَاءِ ذلك الثُّلُثِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الصَّيدَلاَنِيُّ عن ابن سُرَيْجٍ أنه للوارث.

وقال القَفَّال: فيه وَجْهٌ آخر عِنْدِي؛ أن وَلاَءَ جَمِيعِهِ للوارث، بِنَاءً على أن إِجَازَةَ الوَرَثَةِ تَنْفِيذٌ أو ابتداء عَطِيَّةٍ.

وهذا الفِدَاءُ من الوَارِثِ كالإِجَازَةِ؛ لأنه متمم قَصْدَ المورث، وشَبِيهاً بالوجْهَيْن في عبد مَرْهُونٍ [جنى ففداه المرتهن] (٢) بِشَرْطِ أن يكون العَبْدُ رَهْناً عنده بأصل الدَّيْنِ، وبالفِدَاءِ؛ لأنه لما أَشْرَفَ على الزَّوَالِ للبيع في الجناية جعل باستيفائه كابْتِدَاءِ عَقْدٍ منه.

ولو جَنَت المُدَبَّرَة، ولها وَلَدٌ صغير وقلنا بِسِرَايَةِ التدبير إليه على ما سَيَأْتِي الخلاف فيه، فلو بِعْنَا الوَلَدَ معها أبطلنا التدبير فيه، ولو لم نَبِعْهُ معها، فَرَّقْنَا بين الأُمِّ والولد، وفيه وجهان:

أحدهما: نبيعه حِذَاراً من التفريق.

والثاني: يحتمل التفريق لِلضَّرُورَةِ، وهو كالخِلافِ فيما إذا رَهَنَ الجَارِيَةَ دون وَلَدِهَا، واحتيج إلى بَيْعِ الجَارَيةِ في الدَّيْنِ هل يُبَاعُ الولد معها؟

وقوله في الكتاب: "إذا جنى المُدَبَّرُ بِيعَ" يجوز أن يُعَلمَ [بالحاء] (٣)؛ لأن عند أبي حَنِيْفَةَ يُجْبَرُ السيد على أن يَفْدِيَهُ، كما في أُمِّ الولد.

وقوله: "فللورثة ألا يَفْدُوهُ على قَوْل" أي من التركة، وهو إشارة إلى الطريقة الأُولَى.

وقوله: "وقيل: يجب الفِدَاءُ"؛ [إشارة إلى] (٤) طريقة صاحب "التقريب".

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الحُكْمُ الثَّانِي: السِّرَايَةُ وَهَلْ يَسْرِي التَّدْبِيرُ اِلَى وَلَدِ المُدَبَّرَةِ مِنْ زِنَا أَؤ نِكَاح؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَتَعْلِيقُ العِتْقِ بِالدُّخُولِ هَلْ يَسْرِي إِلَى الوَلَدِ؟ فِيهِ أَيْضاً قَوْلَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَسْرِي فَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الوَلَدَ يُعْتَقُ بِدُخُولِ الأُمِّ، وَقِيلَ بِدُخُولِ نَفْسِهِ، ثُمَّ إِذَا سَرَى التَّدْبِيرُ صَارَ كَمَا لَوْ دَبَّرَهُمَا، وَلَا يَكُونُ الرُّجُوعُ عَنْ أَحَدِهِمَا رُجُوعاً عَنِ الآخَرِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا إِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ، أَمَّا وَلَدُ المُدَبَّرِ فَيَتْبَعُ الأُمِّ دُونَ الأَبِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجوز وَطْءُ المُدَبَّرَةِ والمُعَلَّقَةِ عِتْقُهَا بصفة لكَمَالِ المِلْكِ، ونَفَاذِ التَّصَرُّفِ فيهما.


(١) في ز: حرج.
(٢) في ز: حتى فداه المرهن.
(٣) في ز: الحال.
(٤) في ز: أراد به.

<<  <  ج: ص:  >  >>