للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّيِّدُ فَلِلوَرَثَةِ أَنْ لَا يَفْدُوهُ عَلَى قَوْلٍ وَإِنْ وَفَّى الثُّلُثَ بِالفِدَاءِ وَالعِتْقِ، وَقِيلَ: يَجِبُ الفِدَاءُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الجناية على المُدَبّر كهي على القِنِّ، فإن قتل فللسيد القِصَاصُ أو القِيمَةُ، ولا يَلْزَمُهُ أن يشتري بها عَبْداً فيدبره، بخلاف ما إِذَا وَقَفَ مَتَاعاً فَأُتْلِفَ، فإنا قد نقول يشتري بقيمته مِثْلَهُ، ويوقف؛ لأن مَقْصُودَ الوَقْفِ أن ينتفع به المَوْقُوفُ عليهم، وهم بَاقُونَ. ومقصود التَّدْبِيرِ أن ينتفع به ذلك العَبْدُ، ولم يَبْقَ، وإن جنى على طرفه فَلِلسَّيِّدِ القِصَاصُ، أو الأَرْشُ، ويبقى التدبير (١) بِحَالِهِ. هذا حكم الجِنَايَةِ عليه.

وأما حكم جِنَايَتِهِ وهو [الذي] (٢) أورده في الكِتَابِ، فهو فيها كالقِنِّ أيضاً، فلو جَنَى على إنْسَانٍ بما يوجب القِصَاصَ اقْتُصَّ منه وفَاتَ التَّدْبِيرُ.

وإن جَنَى بما يوجب المَال، وعاد بالعَفْوِ إليه، فللسيد أن يَفْدِيَهُ، وأن يُسْلِمَهُ ليُبَاعَ في الجِنَايَةِ، فإن فَدَاهُ بقي التدبير فيه، وفيما يَفْدِيهِ به من أَرْشِ الجِنَايَةِ، أو الأَقَل منه، ومن قيمته القولان السابقان من القِنِّ.

وإن سَلَّمَهُ للبيع وبيع جميعه ارتفع التَّدْبِيرُ فيه، فإن عاد إلى مِلْكِهِ، ففي عَوْدِ التدبير مَا مَرَّ في الباب تَفْرِيعاً على أنه وصية، وعلى أن تَعْلِيقَ عِتْقٍ بصفة، وإن حصل الغَرَضُ بِبَيْعِ بعضه بَقِيَ التَّدْبِيرُ في الباقي، وإن مَاتَ السيد قبل البَيْعِ، واختيار الفداء، ففيه طريقان:

أظهرهما: أن حُصُولَ العِتْقِ على الخِلاَفِ في أن إعْتَاقَ العَبْدِ الجاني هل ينفذ؛ لأنه اجتمع العِتْقُ والجِنَايَةُ؟ فإن قلنا: ينفذ أخذ الفِدَاءُ من تَرِكَةِ السَّيِّدِ؛ لأنه أعتقه بالتدبير السابق، وعلى هذا فالفِدَاءُ بأقل الأَمْرَينِ بلا خِلَافٍ؛ (٣) لأنه تعذر تسليمه للبيع.

وإن قلنا: لا يُعْتَقُ فالوَارِث بالخيار بين أن يَفْدِيَهُ فيعتق من الثلث، وبين أن يُسَلِّمَهُ لِلْبَيْعِ، وإن كان في ثلث المال سَعَةٌ، فإذا بِيعَ، بَطَل التدبير.

واعلم أن الخِلاًفَ في أن إِعْتَاقَ الجاني؛ هل ينفذ؟

قد سبق في أوَّل "البيع"، وبَيَّنَّا أن الأَصَحَّ أنه إن كان مُوسِراً ينفذ، وإن كان مُعْسِراً لا ينفذ، ويُشْبِهُ أن يقال: الميت معسر على مَا مَرَّ في سِرَايَةِ العِتْقِ.

[والطريق] (٤) الثاني: عن صاحب "التقريب" أنه إذا اتَّسَعَ الثلث، وَوَفَّى بقيمة


(١) في أ: الأرش.
(٢) سقط في: ز.
(٣) وما ادعاه من نفي الخلاف ممنوع فإنه قد حكى في باب العاقلة الخلاف فيه.
(٤) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>