فوقه الَّذي أصابته الخَمْر في حالة الغَلَيَان، ذكره القاضي الحسين وأبو الربيع الإِيْلاَفي (١).
الثالثة: لو كان ينقلها من الظِّلّ إلى الشّمس أو يفتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالاً للحموضة فوجهان:
أحدهما: لا تطهر كما لو طرح فيها شيئاً، وبهذا قال أبو سهل الصُّعْلُوكي.
وأصحهما: أنه يطهر لزوال الشِّدة من غير نجاسة تخلفها، وهذا في غير المحترمة، وفي المحترمة أولى بالجواز.
واعلم أنه ليس في لفظ الكتاب تعرض لانقسام الخمر إلى محترمة وغيرها.
وقوله:(التَّخْلِيل بِإلْقَاء المِلْح فيه حرام) يمكن إجراؤه فيه على إطلاقه على ما بيناه وإعلامه بالواو للوجه المنقول في المحترمة، وكذا مثله النقل من الظل إلى الشمس يمكن إجراؤه على إطلاقها، وأما قوله (والإمساك غير حرام) فلا يمكن إجراؤه على إطلاقه. لأن الإمساك حرام في غير المحترمة، والإراقة واجبة والكلام في أنه لو اتفق الإمساك وتخلَّلت، هل تطهر؟ هذا هو المشهور، والذي في طريق الصَّيْدَلاَنِي من تجويز الإمساك على قصد أن لا يصير خلاًّ، وعدم وجوب الإرَاقَة فهو مما يستغرب، فإذا هو مخصوص بالمحترمة، لكنه غير مستحسن من جهة النَّظَم؛ لأنه على خلاف ما قبله وما بعده، وليس في اللَّفْظ ما يدل عليه.
فرع: عن الشيخ أبي علي ذكر تردد في بيع الخمرة المحترمة بناء على التردد في طهارتها، وقد حكيناه في باب النَّجَاسات، والعناقيد إذا استحالت أجواف حَبَّاتِها خَمْراً، فعن القَاضِي وغيره: ذكر وجهين في جواز بيعها اعتماداً على طهارة ظَاهِرِها في الحال، وتوقع فائدتها في المآل وطرودهما في البَيْضَة المُسْتحيل باطنها دَماً والمذهب المنع.
(١) طاهر بن عبد الله أبو الربيع الإيلاقي التركي، من أصحاب الوجوه، توفي سنة خمسة وستين وأربعمائة عن ست وتسعين سنة، انظر ابن قاضي شهبة (١/ ٢٤٦) ابن السبكي (٣/ ١٩٧) وإيلاق -بهمزة مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة وبالقاف- ناحية من الشاش، معجم البلدان (١/ ٢٩١).