"التهذيب" وغيره -رحمهم الله- أن تلْك البقيَّة تسْقُط كما لو مات عن الرجعيَّة يسقط ما بقي من عدتها، ويكفيها عدَّة الوفاة بلا خلاَفٍ، وهذه فروعٌ تتعلَّق بالباب نختمه بها.
نكحت المعتدَّة من الوفاة بعْد مضي شهرين مِنْ عدتها مثلاً، ووطئها الزوج جاهلاً، وأتت بولَدٍ يمكن أن يكون منْ كل واحد منْهما، ولا قائف، فعدتها تنقضي بوضْع الحمل مِنْ أحدهما، وعليها بعْد الوضع أقصى الأمرين مِنْ بقية عدة الوفاة أو ثلاثة أقراء، فإن مضت الأقراء قبل تمام عدة الوفاة، فعليها إكمال عدة الوفاة؛ لاحتمال أن يكون الحَمْل مِنَ الثَّانِي، وإن مضَتْ بقية عدَّة الوفاة قبْل تمام الأقراء، فعليها إتمام الأقراء؟ لاحتمال أن يكون الحَمْل منَ الأوَّل.
وطئ الشريكان الجارِيَةَ المشتركةَ، فعليها الاستبراء عنْ كلِّ واحدٍ منهما، ولا يتداخل الاستبراءان كما لا تتداخل العدَّتان عن شخصين، ونقل الرُّويانيُّ وجهاً: أنه يكفيها قرءٌ واحدٌ عنْهما، وضعَّفه.
أحبل امرأة عن وطء شبهة، ثم نكَحَها، ومات عنْها قبْل أن تضع الحَمْل، فهل تنقضي عدَّة الوفاة بوضع الحَمْل؟ فيه وجهان:
لابن سريج في وجْه: تنقضي، وفي وجه: أنها تنقضي إذا مضى أكثر الأجلين من وضع الحمل ومدة عدة الوفاة، ولو طلَّقها بعد الدخول، ففي انقضاء العدتين بالوَضْع الوجهان.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا مات زوْجُ المرأة، لزمتها عدَّة الوفاة بالإجماع والنصوص، وعدةُ الوفاة، إن لم تكن المرأة حاملاً، أربعةُ أشهرٍ وَعَشَرَةُ أيام بلياليها؛ قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وكانت هذه العدَّة في ابتداء الإِسلام بسنة على ما قال تعالىَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} الآية [البقرة: ٢٤٠] ثم نُسِخَتْ وتستوي في عدَّة الوفاة الصغيرة والكبيرة وذات الأقراء وغيرها، والمدخول بها، وغيرها؛ أخذاً بإطلاق الآية؛ ولم تُخَصَّص بالمدخول بها، بخلاف قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] حيث خَصَّصت بالمدخول بها؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: