قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصودُ الفَصْلِ الكلامُ فيما إذا اجْتَمَعَا فِي شَخْصٍ وَاحدٍ قرابَتَانِ، منع الشرْعُ من مباشرةِ سَبَبِ اجتماعِهِمَا؛ كأمٍّ هي أختٌ، وذلك يقَعُ فيما بَيْن، المجُوسِي المستبِيحِينَ لنكاح المحارِمِ، وربما أسلموا بعْدَ ذَلِكَ، أو ترافَعُوا إِلَيْنَا، وقد يتفق نادراً فيما بيْنَ المُسْلِمِينَ بالغَلَطِ والاشتباه، والحُكْمُ أَنَّه لا يُوَرَّثُ بالقرابَتَيْنِ جميعاً، وَإِنَّمَا يُوَرَّثُ بأقْوَاهُمَا، وبِهذَا قال مالِكَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. وقال أبو حنيفة وأَحْمَدُ: يُوَرَّثُ بالقَرَابَتَيْنِ جميعاً، إذا كانت القرابتان بحَيْثُ لو وُجِدَتَا في شخصَيْنِ، لَوَرِثَا معاً.
وبه قال ابنُ اللَّبَّانِ، وحكاه ابْنُ الصَّبَّاغِ عن ابْنِ شُرَيْحٍ وقال الشيخ أبو عليٍّ: إِنه ذهب إِلَيْه في بعض المسائل، ولم يُطْلِق.
واحتجَّ القائِلُون به بأنَّهما سبَبَانِ يُوَرَّث بكلِّ واحدٍ منْهما عنْد الانفراد، فإِذَا اجتمعا لم يُسْقِط أحدُهما الآخَرَ، كَابْنِ عمٍّ، هو أخ الأُمِّ أَو زَوْج وزوجة.
ووجه ظاهر المَذْهَب أَنهما قرابتان يُوَرَّث بكلِّ واحدٍ منْهما فَرْضٌ عند الانفرادِ، فإذا اجتمعا لم يورث بهما الفرضانَ كالأخت من الأب والأمِّ, لا ترث بالقرابَتَيْنِ معاً، ويخالف ما استَشْهَدُوا بِه، فإن هناك يُوَرَّث بإحدىَ الجِهَتَيْنِ فرضاً، وبالأخرَى عصوبةً واجتماعهما معهودٌ كما في حقِّ الأبِ مع الوَلَدِ.
قال علماؤُنَا -رحمهم الله تعالَى-: والأقوى يُعْرَفُ بأمرَيْنِ:
أحدُهُمَا: أن تحجب إحداهما الأُخْرَى؛ كبِنْتٍ، هِيَ أُخْتٌ لأمٍّ, وذلك بأنْ يَطَأَ أمَّهُ، فتلِدَ بنتاً، فهي أختُهُ لأمِّه وبِنْتُهُ، فالْأُخُوَّةُ ساقطةٌ بالبنتية.