للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم سيصيرون مقتدين، وإن كانوا منفردين في الحال، فيؤخذ بآخر الأمر، والضمير في قوله: (وهو جار) عائد إلى الخلاف وإن لم يكن [لفظه] (١) مذكوراً.

وقوله فيمن انفرد بركعة وسها، (ثم اقتدى في الثانية)؛ لأنه ليس للتقييد، وأنه لا فرق بين أن يقتدي في الأولى، والثانية بعد السهود منفرداً.

واعلم أن جميع ذلك مبني على أن الطَّائفة الثانية يقومون إلى الركعة الثانية إذا جَلَسَ الإمام للتشهد، فإما إذا قلنا: إنهم يقومون إليها إذا سَلَّم الإمام على ما نقل عن القديم فسهوهم في الثانية غير محمول لا محالة، كالمسبوق، وهذا حكم سهو المأمومين، أما لو سها الإمام نظر، إن سَهَا في الركعة الأولى لَحِقَ سهوه الطائفتين، فالطائفة الأولى يسجدون إذا أتموا صلاتَهم، ولو سَهَا بعضهم في الركعة الثانية فهل يقتصر على سجدتين أم يسجد أربعاً؟ فيه خلاف تقدم نظائره، والأَصَحُّ الأول والطائفة الثانية يسجدون مع الإمام في آخر صلاته، وإن سَهَا في الركعة الثانية لم يلحق سهوه الطائفة الأولى؛ لأنهم فارقوه قبل السَّهْو، وتسجد الثانية معه في آخر الصلاة، ولو سَهَا في انتظاره إياهم فهل يلحقهم ذلك السهو؟ فيه الخلاف المذكور في أنه هل يتحمل سهوهم والحالة هذه؟

قال الغزالي: النَّوْعُ الرَّابِعُ: صَلاَةُ شِدَّةِ الخَوْفِ، وَذَلِكَ إِذَا الْتَحَمَ الفَرِيقَانِ وَلَمْ يُمكِنْ تَرْكُ القِتَالِ لِأَحَد فَيُصَلُّونَ رِجَالاً وَرُكْبَاناً مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ وَغيرَ مُسْتَقْبِلِيهَا إِيمَاءً بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُحْتَرِزِينَ عَنِ الصَّيْحَةِ وَعَنْ مُوَالاَةِ الضَّرْبَاتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ كَثُرَتْ مَعَ الحَاجَةِ فِي أَشْخَاصٍ فَيُحْتَمَلُ، وَفِي شَخْصٍ وَاحِدٍ لاَ يُحْتَمَلُ لِنُدُورِهِ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ فِي المَوْضَعَيْنِ، وَقِيلَ: لاَ يُحْتَمَلُ فِيهِمَا، فَإِنْ تَلَطَّخَ سِلاَحُهُ بِالدَّمِ فَلْيُلْقِهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجاً إِلَى إِمْسَاكِهِ فَالأَقْيَسُ أَنَّهُ لاَ يَجِبُّ عَلَيْهِ القَضَاءُ، وَالأَشْهَرُ وُجُوبُهُ لِنُدُورِ العُذْرِ.

قال الرافعي: إذا التحم القتال ولم يتمكنوا من تركه بحال لقلتهم وكثرة العدو، أو اشتداد الخوف، وإن لم يلتحم القتال فلم يأمنوا أن يركبوا أكتافهم لو وَلُّوا عَنهم، أو انقسموا فيُصَلُّون بحسب الإمكان، وليس لهم التأخير عن الوقت.

وعن أبي حنيفة أن لهم ذلك.

ثم في كيفية هذه الصَّلاة مسائل:

إحداها: لهم أن يصلوا ركباناً على الدَّوَابِّ، أو مشاةً على الأقدام، قال الله تعالى


(١) سقط في "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>