للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضيه ظاهِرهُ، فحصل وجهان: والمشهور منهما أنه ليس له القَذْف واللعان، ووُجِّه بأن اللعان حُجَّة ضرورية، إنما يصار إليها للحاجة إلى قطْع النسب أو إلى قَطْع النكاح، حيث لا ولد؛ خوفاً من أن يحْدُث ولَدٌ على الفراش المُلطَّخ، ولم يُوجَدْ هاهنا حاجَةٌ [إلى] قطع النسب، ومحْذُور حدوث الولد على الفراش الملطَّخ، وقد وقع، فلا يصار إلى اللِّعان [فيه] وأيضاً فإن نسبتها إلى الزنا وإثباته عليها يُعَيِّر الولد به وتطلق الألسنة، ولا يحتمل ذلك؛ لغرض الانتقام، وللفراق طريق أسلم منه، وهو الطلاق، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ اللِّعَانِ) وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الثَّمَرَة وَالقَذْفُ وَالأَهْلُ وَاللَّفْظُ (الأَوَّلُ: الثَّمَرَةُ) وَهِيَ نَفْيُ النَّسَبِ وَقَطْعُ النِّكَاحِ وَدَفْعُ العُقُوبَةِ وَدَفْعُ عَارِ الكَذِبِ* وَيَجُوزُ اللِّعَانُ بِمُجَرَّدِ نَفْيِ النَّسَبِ* وَإِنْ سَقَطَتِ العُقُوبَةُ بِعَفْوِهَا* وَيَجُوزُ لِمُجَرَّدِ إِسْقِاطِ العُقُوبَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ سَوَاءٌ كَانَ حدًّا أَوْ تَعْزِيرًا إِلاَّ تَعْزِيرَ (ح) التَّأْدِيبِ وَهُوَ أنْ يُؤْذِيَهَا بِالقَذْفِ بزِناً اعْتَرَفَتْ بِهِ أَوْ ثَبَتَ بالبَيِّنَةِ فَإنَّهُ لاَ يُلاَعِنُ لِمْجَرَّدِ دَفْعِهِ عَلَى أَسَدِّ الوَجْهَيْنِ لأَنَّهُ مُصَدَّقٌ فَلاَ مَعْنَى لِلعانِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد ذكَرْنا أنَّ اللعان يخْتَصُّ بقذف الزوج، ولا يخْفَى أن اللِّعان سَبَبًا يترتب عليه، وهو القَذْف، وأن للملاعن مقصوداً يبتغيه باللعان وهو ثمرته به، فهاهنا أربعة أمور؛ يُحْتَاجُ إلى معْرِفتها ومعرفة أحوالها، وهي: ثمرة اللعان، والقذف الذي هو سببه، والشخص الملاعِنُ، ولفظ اللعان، وتُوُسِّع في تسميتها أركان اللعان، وربما أراد أركان النَّظَر في اللعان، أما الثمرة، فإنه عَدَّها أربعة أمور: نَفْي النَّسَب، وقَطْع النكاح، ودَفْع عقوبة الكَذِب، ورَفْع عار الكذب في نسبتها إلى الزنا بتحقيقها باليمين، أو يمكن ردُّ هذَيْن الآخرين إلى شَيْءٍ واحدٍ، وهو دفْع المحذور الَّذي يلحقه بالقَذْف، وقد يُنَاقش في قوله الثَّمَرة، وهي نفْي النسب إلى آخر الأربعة، فإنه يقتضي الحَصْر، ويجوز أن يُعَدَّ من ثمراتِه تأبيدُ التَّحريم، وإثبات حد الزنا (١) عليها انتقامًا منها على ما يعرض له في أثناء الكلام، ولا يشترط لجواز اللِّعَان تعلُّق هذه الثمرات به، بل منْها ما يستقل بإفادة جوازه، ومنها خلافه أما نفي النسب، فهو المقصود الأصليُّ من شرْع اللِّعان، فإنَّه لا يثبت بالبينة، وإنْ كان يحْصُل بها دَفْعُ حدِّ القَذْف، وإتيان حد الزنا عليها، فيجوز


(١) قال النووي: ومن الثمرات: سقوط حد قذف الزاني بها عن الزوج إن سماه في لعانه، وكذا إن لم يسمه على خلافٍ فيه. ومنها: سقوط حصانتها في حق الزوج إن لم تلاعن هي كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومنها: تشطير الصداق قبل الدخول ومنها: استباحة نكاح أختها وأربع سواها في عدتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>