للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الوجْه الأوَّل وعبارة الشيخ أبي حامد تُوَافِق الثاني (١)، وقوله في الكتاب "وقيل يَحْصُل المِلْك قبْل الفراغ من لَفْظ الإعتاق" هذا القدر يشمل الوجه الأول والثاني، فيجوز أن يريد أحدهما، ويجوز أن يريد المُشْتَرَك بينهما، واستبعد ذلك؛ لِمَا فيه من تقديم المسبب على السَّبَب.

فَرْعٌ: ولو قال: أعْتِقْ عبدك عنِّي على كذا، فأجابه ثم ظَهَر بالعبد عَيْب، فلا مرد للعتق، بل يرجع المستدعى علَيْه بأرْشِ العَيْب، ثم إن كان العَيْب بحَيْث يمنع الإجزاء عن الكفَّارة، لم تسقط عنه الكفَّارة، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ: الصِّيَامُ) وَيَجُوزُ العُدُولُ إِلَيْهِ لِمَنْ يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ العِتْقُ* فَإِنْ مَلَكَ عَبْدًا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى خِدْمَتِهِ لِمَرَضِهِ أَوْ لِمَنْصِبِهِ (ح) الَّذِي يَأْبَى مُبَاشَرَةَ الأَعْمَالِ فَلَهُ (ح) الصَّوْمُ* وَكذَلِكَ لَوْ مَلِكَ دَارًا إلاَّ أنْ يَكُونَ فِي اتِّسَاعِ خُطَّتِهَا زِيَادَةٌ يُسْتَغْنى عَنِهَا* وَلَوْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ نَفِيسَةٌ أَوْ عَبْدٌ نَفِيسٌ أَلِفَ خِدْمَتَهُ فَالظَّاهِرُ أنَّهُ لا يَلْزَمُهُ البَيْعُ (ح) * وَعَلَى هَذَا لاَ يَبْعُدُ أَنْ لاَ يُكَلَّفَ بَيْعَ رَأْسِ مَالِهِ وَضَيْعَتِهِ الَّتِي تُلْحِقُهُ بالْمُسْكِينِ الَّذِي يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ* وَالمَالُ الغَائِبُ لاَ يُجَوِّزُ العُدُولَ إِلَى الصَّوْمِ؛ لأَنَّ الكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي* وَيُمْكِنُ أَدَاؤُه بَعْدَ المَوْتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: كفارة الظِّهار -كما نَصَّ عليه القرآن- مرتَّبة؛ قال الله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: ٣، ٤] الآية، فإن كان في مِلْكه عبْدٌ فاضلٌ عن حَاجته، الإعتاق، فإن احتاج إلى خدمته؛ لمرضه أو كبره أو زمانته أو ضخامته المانعة من خدْمة نفسه، فهو كالمعدوم، كما أن [المَاءَ] (٢) المحتاج إلَيْه للعَطَش كالمعدوم في جواز التيَمُّم، وكذا الحُكْم، لو كان من


(١) فيه أمران:
أحدهما: قضيته ترجيح ثبوت الأحكام عقب اللفظ وهو خلاف ما صححه في كتاب الطلاق أن الشرط يقارن المشروط.
قال بعض المحققين: والحق في هذا أنه يختلف باختلاف السبب، فإن كان مركبًا كلفظ الطلاف والعتق، فإن الحكم يقارن آخر جزء فإن الحكم بسيط، ولا يتصور اتخاذ زمن البسيط والمركب، فإن المركب يحتاج إلى أكثر من زمن، والبسيط يوجد في الزمن الفرد، وإن كان السبب بسيطًا كان الحكم مقارنًا له إذ لا يتجزأ حتى يكون له أول جزء وآخر جزء فالكلامان صحيحان باعتناء نوعي السبب.
الثاني: ذكر في الشامل أن هذا الخلاف نظيره الخلاف في أن الضيف يملك الطعام بالتناول أو بالرضع في الفم أو بالابتلاع وكذا قاله الروياني والجرجاني وغيرهم.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>