يحتمل جِهَات الفَسَاد من التعليق، وفساد العوض وغيرهما، كما في سائر التمليكات، فَإِذَنْ لا يتجه إلحاق الإعتاق عن الغير بالخُلْع، وإنما المتجه أن يُلْحَق به إعتاقه عن نَفْسه، وأما الجواب، فهو أن المِلْك الحاصل للمستدعي يَحْصُل في ضمن الإعتاق عنه، فكأن قوة الإعتاق تُوجِب تضمينه وتقديره، والملك الضمني لا تعتبر فيه الشرائط الَّتي تعتبر في التصرُّفات الأصلية؛ ولذلك لا يُعْتبر القبض في الإعتاق عن الغير باستدعائه مَجَّانًا، وإن كان ذلك يتضمَّن الهبة، والهبة تفتقر إلى القبض.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذ لا خلاف في أن العَبْدَ المُعْتَق عن الغير باستدعائه يَدْخُل في مِلْك المُعْتق عنه، فلا عِتْق فيما لا يَمْلكه ابْن آدَمَ، ومتى يدخل في ملكه، وكيف التقدير؟ قال الأصحاب: هذا فيه إشكالٌ؛ لأنه لا يُمْكن القول بتأخير الملك عن العتق، ولا بتقديم المِلْك على التلفظ بالإعتاق؛ لما فيه من تَقْديم ما يوجبه اللفظ على اللفظ، ولا يَحْصُل المِلْك والعِتْق معاً، فإنَّه جَمْع بين النقيضين، وذكروا فيه وجوهًا: أحدها: أنَّه يحْصُل الملْك للمستدعي بالاستدعاء، ويعتق عليه إذا تلفَّظ المالك بالإعتاق.
والثاني: أنه يحْصُل الملْك؛ بشروعه في لفْظ الإعتاق، ويعتق إذا تم اللفظ.
والثالث: يحْصُل الملْك والعتق معاً عند تمام الإعتاق ويُحْكَى هذا عن أبي إسحاق.
وأظهرها: أن العتق يترتَّب على المِلْك في لحظة لطيفة، وأن حصول الملك لا يتقدَّم على آخر لفظ الإعتاق، ثم قال الشيخ أبو حامد: وأكثر الَّذين اختاروا هذا الوَجْه أن المِلْك يَحْصل عقيب الفراغ من لَفْظ الإعتاق على الاتصال، وعن الشيخ أبي محمَّد، وربما نُسب إلى القَفَّال أن المِلْك يحْصُل مع آخر جزء من أجزاء اللَّفْظ، وليس في هذا الوجْه الأخير سوى أنه يتأخَّر العِتْق عن الإعتاق بقدر ما يتوسَّطهما المِلْك.
قال الإِمام: وسَبَب تأخِيره أنَّه إعتاقٌ عن الغير، ومعنى الإعتاق عن الغَيْر نَقْل الملك إليه، وإيقاع العِتْق بعده، وقد يتأخَّر العِتْق عن الإعتاق بأسْباب؛ ألا ترى [أنَّه](١) لو قال: أعتقت عبدي عنك بكذا، لا يعتق إلا أن يُوجَد القبول، ثم رد الإِمام اختلاف عبارة الشيخَيْن إلى خِلاَف الأصحاب في أن حُكْم الطَّلاَق والعتاق وسائر الألفاظ، يثبت مع آخر جزء من اللفظ أم بَعْد تمام أجزائه على الاتِّصَال؟ فعبارة الشيخ أبي محمَّد تنطبق