للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَصْل، فالعتق يقع عن المالك، ولا شَيْء على المستدعي.

الثالثة: لو قال: إذا جاء الغد، فأعْتِق عبدك عني بألف، فصبر حتى جاء الغد، فأعْتَقَه عنه، فعن حكاية صاحب "التقريب" عن الأصحاب: أنه ينفذ العتْق عنه، ويثبت المُسَمَّى عليه، وأنه لو قال المالك لغيره: عبدي عنْكِ حرٌّ بألْف، إذا جاء الغَدُ، فقال المخاطَبُ: قَبِلْتُ، فهو كتعليق الخُلْع، وصورته أن يقول: طَلَّقتك على ألْفٍ إذا جاء الغد، فقالت للمخاطب: قَبِلْتُ، وقد سَبَقَ ذكْر وجهَيْن في وقُوع الطلاق عند مجيء الغد، أظهرهما الوقوع، ووجهين إذا وقع في أن الواجب مهْر المِثْل أو المسمى، أقربهما: الثاني؛ فلذلك يجيء الخلاف هاهنا في وقُوع العِتْق عن المخاطَبِ، وإذا وقع، فالخلاف في صحَّة المسمَّى وفساده، وذَكَروا في الفَرْق بين الصورتين أَنَّ في الصُّورة الأولى، وهي قوله: إذا جاء الغد، فاعتق عبْدك عني بكذا، فاعتق في الغد، لم يُوجَدْ تعليق في العِتْق.

وفي الصورة الثانية: العِتْق باطلٌ [معلَّق] (١) بمجيء الغد، فأُلْحق بتعليق الخُلْع، لكن قوله: أعتق عبدك عني بكذا، إذا جاء الغَدُ، كقول المرأة: طلِّقني غداً، ولك عليَّ كذا، أو عَلَى كذا، وقد ذكَرْنا هناك خلافاً في أنَّه إذا طلَّق في الغد أو قبله تستحق المسمى أو مهر المثل فليجِيء الخلاف هاهنا أيضاً في ثبوت المسمَّى، إذا أعْتَقَ في الغد، ولذلك تردَّد صاحب "التقريب" فيما حكاه عن الأصحاب، واستصوب الإِمام وغيره التردُّد، ويجوز أن يُعْلَم لذلك قوله "نفذ واستحق" المسمى بالواو، ولو قال: أعْتِقْ عبدك عنِّي على خمر أو مغصوب، نفذ العتق عن المستدعي، ولزمته (٢) قيمة العبد كما في الخُلْع (٣)، وقوله في الكتاب "لأن العِتْق وإن رتب على ملك المستدعي" إلى آخره، فهُوَ (٤) إشارةٌ إلى إشْكَال يَعْرِض في إلحاق العِتْق عن الغير بالخُلْع، وإلى الجواب عنه، أما الإشكال، فهو أن يُقَال: ليس في الخُلْع اختلافُ مِلْك، وإنما هو إسقاط حقٍّ يستقل به الزوج، والعتق [عن] (٥) المستدعَى يتضمَّن نقل الملك، فوجب ألاَّ


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: ولزمه.
(٣) تابع الإِمام على لزوم القيمة ولم يخرجوه على خلاف الخلع بمغصوب فيحتمل أن يكون هذا بناء على ما هو الأصح هناك وإليه يشير كلام الإِمام والغزالي ويحتمل أن يكون هذا مجزوماً به هنا وهو الظاهر في بابي الصداق والخلع أن العوض في يد باذله مضمون ضمان عقد حتى يجب قيمة البضع وهو مهر المثل أو ضمان يد حتى يجب بدل العوض، وأما هنا فلا يتجه إلا الجزم بضمان العقد فيتعين قيمة العبد، وذلك لأن العوض متى جعل في مقابلة عين كان ركنًا في العقد، ولا يحصل ملك العين ومقصود العقد إلا به، ولا كذلك بدل البضع صداقًا؛ لأن ملك المقصود لا يتوقف على العوض كما هو مقرر في بابهما.
(٤) في أ: وهو.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>