للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثَّانِيَةُ: إِذَا تَبَرَّمَ مَالُ الأَب بِحِفْظِ مَال الطِّفْلِ والتصرف فيه، فله رفع الأَمْرِ إلى القاضي، لينصب قيماً بأجرة، وله أَن ينصب بنفسه. ذكره في "النِّهَايَةِ".

ولو طلب من القاضي أن يثبت له أجرًا على عمله، فالذي يوافق كلام أكثر الأصحاب أنه لا يجيبه إليه غنيًا كان أو فقيرًا، إلاَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فَقِّيرًا ينقطع عن كَسْبِهِ فَلَهُ أنْ يأكل منه بالمعروف على ما سبق في "الحَجْر"، وقد ذكر الإمام أن هذا هو الظَّاهِرُ.

قال: ويجوز أنْ يُقَالَ: يثبت له أجرًا؛ لأَنَّ له أَنْ يَسْتَأْجِرَ من يعمل فإذا جاز له بذل الأجرة لغيره جاز له طلب الأجرة لنفسه، وبهذا الاحتمال أجاب صَاحِبُ "الْكِتَاب": وَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ: لاَ بُدَّ مِن تَقْدِيرِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهُ الاسْتِقْلاَلُ به، وهذا إذا لم يَكُنْ هناك متبرع بالحفظ والعمل، فإن وجد متبرع وطلب الأب الأجرة، فَقَدُ أَشَارَ في "النَّهَايَةِ" إلى وَجْهَيْنِ أيضًا:

أَظْهَرُهُمَا: أَنَّه لا يثبت له أُجْرَة لحُصُولِ الْغَرَضِ مَعَ حِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ عَلَيْهِ.

والثَّانِي: يثبت لزيادة شفقته، كما أنَّ الأمَّ تَأْخُذُ أُجْرَةَ الإِرضاع عَلَى قَوْلٍ، وَإِنْ وجدت متبرعة أجنبية.

وَاعْلَم أَنَّ صَاحِبَ "الْكِتَاب" أَطْلَقَ الْقَولَ هاهنا بأن للأُمِّ أُجْرَةَ الإِرضاع، ولم يحك فيه خلافًا، لكنه حَكَى فيه قولين في كتاب "النَّفَقَاتِ" ونحن نشرح الْمَسْأَلَةَ وكيفية الْخِلاَفِ فيها هناك إن شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ السَّابعُ فِي الكَفَاءَةِ) وَهِيَ مَرْعِيَّةٌ في خَمْسِ خِصَالٍ (ح م و) النَّقَاءُ مِنَ العُيُوبِ الَّتِي تُثْبِتُ الخِيَارَ وَالحُرَّيَّة وَالنَّسَب إِلَى شَجَرَةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَإِلَى العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ المَشْهُورِينَ دُونَ الخَامِلِينَ، وَالصَّلاحُ في نَفْسِ النَّاكِحِ دُونَ الاشْتِهَارِ، وَالتَّنَقِّي مِنَ الحِرَفِ الدَّنِيئَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى خِسَّةِ النَّفْسِ، وَاليَسَارُ (ح) لاَ يُعْتَبَرُ في أَشْهَرِ الوَجْهَيْنِ، وَالجَمَالُ لاَ يُعْتَبَرُ أَصْلاً، وَلاَ يُجْبَرُ فَضِيلَةُ نَسَبِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِفَضِيلَة أُخْرَى، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَقَد تَقْضِي العَادَةِ بِجَبْرِ نَقِيصَةٍ بِفَضِيلَة بِحَيْثُ يَنْتَفي العَارُ.

" القول في الكفاءة في النكاح"

قال الرَّافِعِيُّ: الْكَلاَمُ في خِصَالِ الكفاءة، ثم في أَثَرِ فُقُدَانِهَا.

أمَّا الْفَصْلُ الأَوَّلُ -في خِصَالِهَا: وهي التَّنَقِّي مِنَ الْعُيُوبِ المثبتة للخيار؛ لأنَّ النَّفْسَ تُعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ تِلْكَ العيوب وقيل بها مقصود النكاح، واستثنى صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>