واختلف الفقهاء في الحرة البالغة العاقلة، هل لها أن تباشر عقد النكاح لنفسها ولغيرها أو لا. فمنهم من منع المرأة من مباشرة النكاح مطلقاً، بكراً كانت أو ثيباً، شريفة أو دنيئة، أذن لها الولي أو لم يأذن، فإن وقع وباشرت العقد فهو فاسد بفسخ مطلقاً قبل الدخول وبعده، ولو طال الزمن وولدت الأولاد. وهذا مذهب جمهور الفقهاء منهم الأئمة الثلاثة مالك. والشافعي. وأحمد. وكثير من الصحابة والتابعين منهم عمر بن الخطاب. وابن مسعود. وابن عباس. وأبو هريرة. وعائشة وسعيد بن المسيب. والحسن. وعبر بن عبد العزيز. والثوري. وابن أبي ليلى. وابن شبرمة وابن المبارك. وذلك لأن الولي عندهم شرط في صحة نكاح الأنثى مطلقاً. ومنهم من يرى أن للحرة البالغة العاقلة أن تباشر عقد نكاحها بكراً كانت أو ثيباً، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة. وأبو يوسف. وزفر في ظاهر الرواية، إلا أنهم قالوا: لو تزوجت بغير كفء، فللولي حق الاعتراض رعاية للمصلحة، ووقعاً للعار ما لم تلد، أو تحبل حبلاً ظاهراً. منهم من فرق بين أن تزوج نفسها لكفء أو لغيره فقالوا: إن زوجت نفسها لكفء صح نكاحها وإلا فسد. وإلى هذا ذهب الشعبي والزهري، وروي عن أبي حنيفة أبي يوسف إلا أن نقل رجوعهما عنه إلى ظاهر الرواية. منهم من يرى صحة النكاح موقوفاً على إجازة الولي، فإن أجازه نفذ، إلا بطل، إليه ذهب محمَّد ابن الحسن، وقال: إن امتنع الولي عن الإِجازة في الكفء بَدّد القاضي العقد ولا يلتفت إليه. منهم من فرق بين نكاحها بإذن الولي، ونكاحها بغير إذن، فقال: إذا أذن لها الولي صح نكاحها، =