للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقنهما الكلمة الخامسة، وَرَدَ النَّقْلُ بذلِكَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رواية ابْن عبَّاس -رضي الله عنه-. ومنها أن يَتَلاَعَنَا عنْ قيام، فتكون المرأة جالسةً عند قيام الرجل، وإذا أرَادَتْ أن تلاعن، قَامَتْ، والغَرَض منه إشهار أمرهما، وأن يراهما النَّاس، ويُقَام الحدُّ على المرأة، وهِيَ جالسةٌ؛ حَذراً من التكشُّف، والله عز وجل أعلم بالصواب.

البَابُ الثَّالِثُ فِي جَوَامِعِ أحْكَامِ اللِّعَانِ وَنَفْيِ الوَلَدِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ:* الفِرَاقُ* وَتَأَبُّدُ الحُرْمَةِ* وَسُقُوطُ الحَدِّ عَنْهُ وَانْتِفَاءُ النَّسَبِ* وَوُجُوبُ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا* وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهَا سُقُوطُ الحَدِّ عَنْهَا فَقَطُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذكَرْنا في أولَّ الكتاب أن الوجْه إبدال الباب الثالث بالقِسْم الثاني: وبيَّنَّا أن مقصوده القَوْل في أحكام اللِّعَان، وأحكام نَفْي الولد، واعلم أن كلام الفَصْل قد يولج أكثر (١) مسائل اللِّعَان مِنْ أَوَّل الكتَاب، والمذكور هاهنا كالضَّابط الجامع، ثم لا يَخْلو عن زيادات، والَّذي يفتتح به أحكام اللِّعَان أن الزَّوْج غيْرُ محْمُول على اللِّعَان بعْد القذف، بل إذا امتنع، حُدَّ كالأجنبيِّ إذا قَذَف، ولم يُقم البيِّنَة، لكنه مُكِّن من اللعان؛ للضرورة الداعية إلَيْه على ما تقرَّر، وكذا المرأة غَيْر محمولةٍ على اللعان بعد لعان الرجل، وعند أبي حنيفة: قذف الزوج لا يُوجِب الحَدَّ عليه، ولكنه يوجب اللعان، فإن امتنع، حُبِس حتى يلاعن، واللعان عقوبة هذا القذف دون الحَدِّ قال: وإذا لاَعَنَ، تحبس المرأة إلى أن تُلاَعن، ولا تحد، وكذلك قال أحمد: لا يجبُ علَيْها الحدُّ بلعانه، وعنْه في حبْسِها روايتان، ويتعلَّق بلعان الزَّوْج خمسة أحكام:

أحدها: حصول الفِرَاق بيْن الزوجَيْن، واحتج له بما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- (٢) قال: "الْمُتَلاَعِنَانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَداً" ولو لم تَحْصُل الفرقة، كان الاجتماع حاصلاً، وبأن اللعان يَنْفِي النَّسب، ولولا الفُرْقة، لكان الفراش باقياً، والولد للفراش، وهذه الفُرْقة تحصل ظاهراً وباطناً، سواءٌ كان الزوج صادقاً أو كانت هي صادقة [وحكى أبو الفرج (٣) وجْهاً أنَّها لا تَحْصُل باطِناً، إذا كانت هي صادقة] (٤) وهي فُرْقة فسخ خلافاً لأبي حنيفة؛ حيث قال: هي فرقةُ طَلاَقٍ.

لنا: أنها تَحْصُل بغَيْر لفظٍ فأشْبَهَت الفرقة بالرضاع والرِّدة [و] قال أبو سعْدٍ


(١) في ز: أكبر.
(٢) تقدم.
(٣) زعم ابن الرفعة أن كلام الشَّافعي في النفقات يشير إلى أنها فرقة طلاق وأن كلام ابن الصباغ اقتضى خلافاً في ذلك.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>