المتولِّي: وتظهر فائدة الخِلاَف فيما إذا عَلَّق طلاق امرأة أُخْرَى بوقُوع الطَّلاق على هَذِه، ولاَعَنَ عَنْ هَذِه.
والثاني: تَأَبُّد التحريم؛ للحديث، وقال أبو حنيفة: لا يتأبَّد التحريم بل لو كَذَّب نفسه، له أن يجدِّد نكاحها، ويروى مثلُه عن أحمد، -رحمه الله-.
والثالث: سُقُوط حَدِّ القذف عن الزوج، وأبو حنيفة يُخَالف فيه؛ لأنه لا يقول بوُجُوب الحد على الزوج حَتَّى يسقط.
والرابع: وُجُوب حدِّ الزنا عليها، خلافاً لأبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله- على ما قدَّمناه.
والخامس: انْتِقَاءُ النَّسب إذا نُفِيَ الوَلَد في اللعان ومن الأصحاب مَنْ يرد أحكام اللعان إلى ثَلاَثةٍ، ويقول: الفرقة في الحال تدْخل في التحريم المُؤَبَّد، وانتفاء النَّسَب تختص بما إذا كان هناك وَلَدٌ ونفاه، فليس ذلك حُكْماً لمُطْلَق اللِّعان، ولا اختلاف في الحقيقة إنَّما هذا شَيْء يَتعلَّق بالضَّبْط والإيراد، ثم هَذه الأحكامُ تَثْبُت بمجرَّد لعان الزَّوْج، ولا يتوقَّف شيْء منها على لعانها، ولا علَى قضاء القاضي، ولا يتعلَّق من هذه الأحكام بإقامة البيِّنة على زناها إلا ربع حد القذف، وإثْبَات حدِّ الزِّنا علَيْها، ولذلك تقول: يجوز للزوج أن يلاعن مع التَّمكُّن من إقامة البينة؛ لأن فيه فوائِدَ لا تَحْصُل بإقامة البيِّنة ثم إذا أرادَتِ المرأة: إسْقاط حَدِّ الزنا عن نَفْسها، فلها اللعان، ولا يتعلَّق بلعانها إلا هَذا الحُكْم، ولو أقام البيِّنة علَى زناها، لم يمكنها دَفْع الحد باللِّعَان؛ لأن اللِّعان حجَّةٌ ضعيفةٌ لا تقاوم البيِّنة، ويجوز أن يُعْلَم قوله في الكتاب:"ويتعلق بلعانه خمسة أحكام" بالحاء، والميم، والألف.
أما بالحاء، فلأن عند أبي حنيفة إنَّما يثبت من الأحكام الخمسة في اللِّعان حُكْمان: حُصُول الفُرْقة، وانتفاء النَّسَب، ولا يتعلَّقان بلعان الزَّوْج وحْده، بل يتعلَّقان بلعان الزوجين جميعاً، أو بقضاء القاضي، حتى لو مات أحدُهما بعْدما تلاعنا، وقبل أن يقضي القَاضِي يرثُه الآخر، ولو طَلَّق، وقَع الطلاق، ولكن على القاضِي التَّفْريق بينهما بعْدما يَتَلاعَنَا، ولا يجوز تقريرُهُما علَى النكاح.
وأما بالميم: فلأن عند مالك -رحمه الله-: أحكامُ اللِّعان تَثَبَتْ بلعنهما جميعاً، لا بلعانه وحْده، ولم يعتبر قضاء القَاضِي، وهذا أشْهَر الرِّوَايَتَيْن عنْ أحمد والثانية: اعتبار قَضَاء القَاضِي أيضاً، ويجوز أن يُعْلم قوله "ويتعلَّق بلعانها سقوط الحد عنها" بالحاء، والألف؛ لما بيَّنَّا أنهما لا يقولان بوجوب الحد عليها بلعانه، حتى يقال بسقوطه بلعانها.