للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا حُكْمُ نَفْيِ الوَلَد فَفِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: (الأَولَى): أَنَّ اللعَانَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ إِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الوَلَدُ مِنَ الزَّوْجِ* فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِمَّا لِقُصُورِ المُدَّةِ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ* أَوْ لِطُولِ المَسَافَةِ (ح) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ* أَوْ لِكَوْنِ الزَّوْجِ صَبِيّاً دُونَ عَشْرِ سِنِينَ* أَوْ لِكَوْنِهِ مَمْسُوحاً مَجْبُوبَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَيَيْنِ فَلاَ يَلْحَقُهُ* وَالبَاقِي الأُنْثَيَيْنِ يَلْحَقُةُ الوَلَدُ قَطْعاً* وَكَذَلِكَ الخَصِيُّ البَاقِي الذَّكَرِ عَلَى الأَصَحِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِنَّما يُحْتاج إلى نَفْي الوَلَد باللِّعَان إذا لَحِقَه لوْلا اللِّعَان، وذلك عنْد قيام (١) الإمكان، أما إذا لم يُمْكن، فهو منفيٌّ بلا لعان، ولعَدَمِ الإمكان صُوَرٌ منها: أنْ تأتي بالوَلَد لستة أشهر؛ فما دونها منْ وقْت العقد.

ومنها أن تَطُول المسافة بيْنَهما، كالمَشْرقي مع المغربية إلى صُوَرٍ قد ذكرناها منْ قبل، ووراءها صورتان:

إحداهما: في أقل زمان إمكان اللحوق من الصغير وجهان:

أحدهما: يبتدئ من وقتْ استكماله عَشْر سنين، وإذا أتَتِ امْرأةُ الصبيِّ بولد لسِتَّة أشهر وساعة يفرض (٢) فيها الوطء بعد تمام عشر سنين، لحقه، وإن أتت به لِمَا قَبْل ذلك، فهو مَنْفِيٌّ عنْه بلا لعان.

والثاني: أنه يبتدئ زمان الإمكان منْ أوَّل السنة العاشرة، حتى إذا أتَتْ بوَلَد لستة أشهر وساعة منْ أول العاشرة، كان لاحقاً به، وهذا أصحُّ علَى ما ذكَرَهُ الشيخ أبو حامدٍ، وأصحابُه وصاحبُ "التَّهْذيب" والقاضي الرُّويانيُّ -رحمهم الله- وظاهر النص في "المختصر" الأوَّل، ويوافِقُه قوله في الكتاب "أو يكون الزوج صبيَّا دون عشر سنين"، وهذان الوجهان كوجهين ذكرناهما في باب "الحجر" في أن وقْت إمكان الاحتلام وخُروح المنيِّ يدخل بأول السنة العاشرة أو بتمامها أو هما هما؟ وذكرنا هناك وجْهاً آخر: أنَّه يدْخُل بمضيِّ ستة أشهر منَ العَاشِرة، وعلى قِيَاس ذلك الوَجْه إذا ولَدَتْ لرأس العشر، لحقه (٣)، وحكى الإِمام وجهاً ضعيفاً: أنه يتصور الاحتلام بعْد مضيِّ ستة أشهر من السنة التاسعة، وأن على هذا الوجه: لَوْ أتت بالوَلَد كما طعن في العاشرة، يلحقه، وهذا لم يَجْرِ ذكره في "الحجر"، فحصل في ابتداء حَدِّ اللحوق أربعة أوجُه: عشر سنين وستة أشهر، عشر سنين، تسع سنين وستة أشهر، تسع سنين وإذا حكمنا بثبوت النسب؛ لحصول الإمكان، فلا نحكم بسبب ذلك بالبُلُوغ؛ لأن النَّسَب يثْبُت


(١) في ز: فتامر وفي ب: تمام.
(٢) في ز: تعرض.
(٣) في أ: لحقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>