للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبيْن ألاَّ يترك، ولا بين أنْ يطرأَ العُذر بعد الشُّرُوعِ في الصلاة أو قَبْله، وإن اتَّسَعَ الوقتُ، فإنْ فارَقَه من غَيْرِ عُذْر حادثٍ، فهو كما ذكرنا في سائر الصلواتِ (١).

ومنها: الجلوسُ للبَيْعِ والشِّرَاءِ والحِرْفَة، وهو ممنوعٌ إذْ حُرْمَةُ المسجد تأْبَى اتخاذه حانوتاً، وقد رُوِيَ أن عثمانَ -رضي الله عنه- رأى خَيَّاطاً في المَسْجِدِ يخيط فأخْرَجَه (٢).

[فرعان]

الأَوَّلُ: يمنع الناس من استطراقِ حِلَقِ الفقهاء، والقُرَّاء في الجامع تَوْقِيراً لها.

الثاني: قال الإمامُ: لا خلاف (٣) في انقطاع تَصَرُّفِ الإمامِ، وإقْطَاعه عن بقاع المسْجِد، فإنَّ المَسَاجد لِلَّهِ تعالَى يُخْدشَهُ ههنا شيئان:

أحَدُهُمَا: أنَّ القاضِيَ المَاوَرْدِيَّ ذكر أنَّ الترَتّب في المَسْجد للتدريسِ، والفَتْوَى [كالترتب للإمامة، حتى لا يعتبر إذْنُ الإمامِ في مسَاجِد المحالِّ، ويعتبر في الجوامع، وكبار المساجد، إذَا كانت] (٤) عادةُ البَلَدِ فيه الاستئذانَ، فَجَعَلَ لإذن الإمام فيه اعتباراً.

والثاني: عَدَّ الشيخ أبو حامد وطائفةٌ من جملةِ ما يقطع؛ ليرتفق المقْطع بالجلوس فيه للبَيْع والشراء مع مقاعِدِ الأسْوَاق رحابُ المسجد، وهذا كما يقدح في نفْي الإقطاع، يعترض على المشْهُور في المنْع منَ الجُلُوس في المسْجِد؛ للبيع والشراء إلاَّ أن يراد


= وقد أورده بالزيادة إمام الحرمين في النهاية وصححه، وأقره في الروضة على ذلك، وعزاه في المطلب إلى البخاري، وليس هو فيه، وقد نص على أنه من إفراد مسلم: عبد الحق والحميدي، وفي ابن خزيمة وغيره من طريق ابن جريج سمعت نافعاً أن ابن عمر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يقم أحدكم أخاه من مجلسه ثم يخلفه فيه، فقلت له: في يوم الجمعة؟ قال فيه وفي غيره".
(١) قال النووي: ومنها: الجلوس للاعتكاف، وينبغي أن يقال: له الاختصاص بموضعه ما لم يخرج من المسجد إن كان اعتكافاً مطلقاً. وإن نوى اعتكاف أيام، فخرج لحاجة جائزة، ففي بقاء اختصاصه إذا رجع احتمال، والظاهر بقاؤه، ويحتمل أن يكون على الخلاف فيما إذا خرج المصلي لعذر.
ومنها: الجالس لاستماع الحديث والوعظ، والظاهر أنه كالصلاة فلا يختص فيما سوى ذلك المجلس ولا فيه إن فارقه بلا عذر، ويختص إن فارق بعذر على المختار. ويحتمل أن يقال: إن كان له عادة بالجلوس بقرب كبير المجلس، وينتفع الحاضرون بقربه منه لعلمه ونحو ذلك، دام اختصاصه في كل مجلس بكل حال وأما مجلس الفقيه في موضع معين حال تدريس المدرس في المدرسة أو المسجد، فالظاهر فيه دوام الاختصاص، لاطراد العرف، وفيه احتمال.
(٢) قال ابن الملقن في "الخلاصة" (٢/ ١١٥): رواه ابن عدي بإسناد ضعيف قال عبد الحق: هو غير محفوظ.
(٣) في د: لا تستريب.
(٤) سقط في: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>