للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر صَاحِبُ الكتاب: أن الأَوَّلَ أَصَحُّ، والأئمة جَايحُونَ إلى تَرْجِيح الثاني. وكذلك فعل صَاحِبُ الكتاب في "الوسيط"، في باب النكاح، فإن سَمِعْنَا دَعْوَاهَا، نظر، إن سَكَتَ المُدَّعَى عَلَيْهِ، وأَصَرَّ على السكوت، وأقامت (١) البينة عليه، وإن أنكر، فَإنْكَارُهُ طَلاَقٌ أم لا؟

فيه وجهان، كما ذكرنا فيما إذا جرى نكاح، ثم قال الزَّوْجُ: كان الشَّاهِدَانِ فَاسِقَيْنِ، وأنكرت المرأة والأصح منهما على ما ذكره الإِمَامُ أنه ليس بِطَلاَقٍ، فإن جَعَلْنَا إِنْكَارَهُ طَلاَقاً سقط ما يدعيه، ولها أن تَنْكِحَ زَوجاً غَيْرَهُ، ولو رَجعَ عن الإنْكَارِ (٢) وقال: غلطت في الإِنْكَارِ، لم ينفعه الرُّجُوعُ، وإن لم يَجْعَلهُ طَلاَقًا، فَإِنْكَارُهُ كَسُكُوتِهِ، حتى يقيم البَيِّنَةَ عليه، ولو رَجَعَ قبل رُجُوعِهِ، وسُلِّمت الزَّوجَةُ إليه وهذا ما اخْتَارَهُ القَفَّالُ، وشَبَّهَهُ بما إذا قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي قبل الرَّجْعَةِ، ثم قالت: غَلطت، وسلمت صحة الرجعة، فإنه يُقْبَلُ رُجُوعُهَا, ولو لم تكن بَيِّنَةٌ، وحَلِفَ الرَّجُلُ, فَلاَ شَيْءَ عليه, وله أن يَنْكِحَ أُخْتَهَا وأَرْبَعاً سِوَاهَا, وليس لها أن تَنْكِحَ زَوْجاً غيره، إذا لم تجعل الإِنْكَارَ طَلاَقاً.

وإن انْدَفَعَ النكاح ظَاهِراً، إلى أن يُطَلِّقَهَا، أو يموت. قال في "التهذيب": أو يفسخ بإعْسَارِهِ، أو لامْتِنَاعِهِ، إذا جعلنا الامْتِنَاعَ مع القُدْرَةِ مُمَكِّناً من الفَسْخِ، وليكن هذا مَبْنِيَّاً على أن لِلْمَرْأَةِ أن تَفْسَخَ بِنَفْسِهَا، أما إذا أَحْوَجْنَاهَا إلى القاضي، فما لم يظهر له النِّكَاح، كيف [يفسح أو] (٣) يَأْذَنُ في الفَسْخِ (٤)؟

وينبغي أن يَرْفُقَ الحَاكِمُ به حتى يقول: إن نَكَحْتها فقد طلقتها ليحلَ (٥) لها النكاح، فإن نَكَلَ الرَّجُلُ، حَلَفَتْ هي، واسْتَحَقَّتِ المَهْرَ، والنَّفَقَةَ.

[فرعان]

عن "التهذيب" وغيره:

أحدهما: امْرَأَةٌ تحت رَجُلٍ، ادَّعَى آخَرُ أنها زَوْجَتُهُ، فالصَّحِيحُ: أن هذه الدَّعْوَى عَلَيْهَا، لا على الرجل؛ لأن الحُرَّةَ لا تَدْخُلُ تحت اليَدِ.

ولو أقام كُلُّ واحد منهما بَيِّنَةً، لم تُقدم بَيّنة من هي تحته، بل هما كاثنين (٦)، أقام


(١) في أ: إقامة.
(٢) سقط في: ز.
(٣) سقط في: أ.
(٤) وقد تقدم في الفسخ بالإعسار أن الغزالي قال في البسيط: إذا لم يكن في الناحية قاض ولا محكم فالوجه إثبات الاستقلال بالفسخ، وإنما قال الغزالي ذلك للتعذر، وهذا المعنى موجود فيما إذا أنكر الزوج الزوجية ولا بينة فينبغي أن يفسخ مطلقاً كما أطلق البغوي.
(٥) في أ: أطلقتها.
(٦) في ز: كابنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>