للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاكِمِ، هذا ما ذكره الأصحاب، وزاده الإِمام، فقال: إن كان مَنْ يذهَبُ إلى أن المِلْك في الكفن للميت أو لله تعالَى، يقول: يتعيَّن ردُّه بعد ما أخَذَه النباش إلى المَيِّتِ، ولا يجوز للوارث إبدالُهُ بغيره [فالتفريع] والخلافُ في أن الخصْم مَنْ هو صحيحٌ، لكن هذا قول عَريٌّ عن التحصيل، والوجْه عنْدي أن للوارثِ إبدالَهُ بعْد ما انفصل عن الميِّت، وحينئذ، فيجِب القطْع بأنه الخصْم لا غير، وإذا أكل الميتَ سَبُعٌ أو ذَهَبَ به السيل وبقي الكفَنُ، فإن قلْنا: إنه ملْكٌ للورثة، اقتسموه، وإن قلنا: إنه ملك للميِّت، فوجهان:

أحدهما: أنه يُصرَف إلى الورثة أيضاً؛ لأن ما كان للميِّت ينتقل إلى الورثة، [وإنما] قُدِّم الكفن لِحَاجَتِهِ إليه، وقد بَطَلت الحاجة.

والثاني: يُجْعَل في بيت المال؛ لأنه لم ينتقل بالمَوْت إلى الوارث، فلا يختص به بعْد ذلك، وهذا ما أورده ابن الصبَّاغ وغيره، وإن قلْنا: لا يملكه أحدٌ، فيُجْعل في بيت المالِ بلا خلاف، هذا كلُّه فيما إذا كُفِّن من تركته، فإن كَفَّنه أجنبي، أو [كُفِّن] من بيت المال، فلمن هو؟ فيه طريقان:

أحدهما: أنه على الخلاف المذكُور فيما إذا كُفِّنَ من تركتِه.

والثاني: القطْع بأنه يبقى على ملْك الأجنبيِّ أو حُكْم بيت المال؛ لأن نقْل المِلْك إلى غير مالِكٍ لا يمكِنُ، والميت لاَ يَمْلِك ابتداءً، وغيرُ الميت لم يَمْلِكُ، فكان الأجنبيَّ معير للكَفنِ إعارةً لا رجوع فيها كالإعارة للدَّفْن.

والقولُ في أن الخَصْم في السرقة مَنْ هُوَ، وفي أنه، لو أكله سبُعٌ إلى مَنْ يُردُّ الكفن، مبنيٌّ على الخلاف في المِلْك.

" فروع":

أحدُها: إذا كَفَّن السيدُ عبْدَه، فالملْك في الكفن للسيد أو لا يَمْلكه أحدٌ؟ فيه وجهان، وذكر أنه لا يجيْء فيه أن يملكه العبْدُ؛ لأن العبد لا يمْلِك إلا بتمليك السيد على القول القديم، والسيدُ لم يَمْلكه، ولمنازع أن ينازع فيه ويَجْعل التكفينَ تمليكاً، كما جُعِل تكفينُ الأجنبيِّ تمليكاً على رأْي، وحُكم بأن الكَفَن ملْك للميت.

والثاني: إذا سُرِقَ الكَفَنُ، وضاع، كُفِّنَ ثانياً من التركة، فإن لم يوجَدْ، فهو كمن مات، ولا كفَنَ له.

والثالث: إنما يُقْطَع النباش، إذا أخرج الكفَنَ منْ جميع القبر، أما إذا أخرج من اللَّحْد إلى فضاء القبْر وترَكَه هناك؛ لخوف أو غيره، لم يُقْطع، هذا هو المنصوص والمشهور، ويجوز أن يُخَرَّج ذلك على الإخْراج من البَيْت إلى صَحْن الدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>