للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: هذا مفرع على اعْتِبَار النِّصَاب فِي الرَّكَازِ والفَرْضُ أَنَّا وإن اعتَبَرنَاهُ، فَلاَ نَشْتَرِط أن يكونَ الموجودُ نِصَاباً، بل يكمل ذَلِكَ بِمَا يَمْلِكُهُ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ المَوْجُودِ، وفيه من التَّفْصِيلِ والخِلاَفِ مَا سَبَقَ فِي المَعْدِنِ، فَلاَ حَاجَةَ إِلَى الإِعَادَةِ، وقد نَصَّ حَجَّة الإِسْلاَم -رحمه الله- على حِكَايَة الْخِلاَف هاهنا، وجَمَعَ بين مَا إِذَا لَمْ تَجِب الزَّكَاةُ فيما عِنْدَه لِعَدَم تَمَام الحَوْلِ وَمَا إِذَا لَمْ تَجِب لِعَدَم بُلُوغِهِ نَصاباً، وهناك اقْتَصَرَ عَلَى ظَاهِرِ المَذْهَبِ وَاَلصُّورَةِ الأُولَى.

القَوْلُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ:

قال الغزالي: النَّوْعُ السَّادِسُ زَكَاةُ الفِطْرِ، وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيلَة العِيدِ فِي قَوْلٍ، وَبِطُلُوعِ الفَجْرِ يَوْمَ العِيدِ فِي قَوْلٍ، وَبِمَجْمُوعِ الوَقْتَيْنِ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ لَوْ زَالَ المِلْكُ فِي وَسَطِ اللَّيلِ وَعَادَ فِي اللَّيلِ فَفِي الفِطْرَةِ وَجْهَانِ، وَعَلَى الأَوَّلِ إِذَا مَلَكَ عَبْداً أَوْ وُلِدَ لَهُ بَعدَ الغُرُوبِ بِلَحْظَةٍ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الغُرُوبِ بِلَحْظَةٍ فَلاَ زَكَاةَ.

قال الرافعي: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "فَرَضَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ، عَلَى النَّاسِ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (١).

وعن ابن عَبَّاس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطَعْمَةً لِلْمَسَاكِينَ" (٢).

اعلم أن زكاة الفِطْر وَاجِبَةٌ، وقال بعضُ النَّاسِ: إِنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وبه قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بنُ اللَّبَّانِ الفرضي من أصحابنا (٣) فيما رواه صاحِبُ "الشَّامِلِ"، ولا فرق عندنا بين الواجب والفريضة.

وقال أبو حَنِيفة -رحمه الله- هي وَاجِبَةٌ، وليست بِفَرِيضَةٍ.

وفي وقت وجوبها ثلاثة أقوال:

أصحها -وهو الجديد، وبه قَالَ أَحْمَد-: أن وقتها غروب الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ. واحتَجُّوا له بأَنَّهَا مُضَافَةٌ إِلَى الفِطْرِ، وقد قال ابن عمر -رضي الله عنهما- زَكَاةُ الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ، وحينئذٍ يكُون الفِطْرُ مِنْ رَمَضَانَ.


(١) أخرجه البخاري (١٥٠٣، ١٥٠٤، ١٥٠٧، ١٥٠٩، ١٥١١، ١٥١٢) ومسلم (٩٨٤).
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٠٩) وابن ماجة (١٨٢٧) والحاكم (١/ ٤٠٩) والدارقطني (٢/ ١٣٨) والبيهقي (٤/ ١٦٣).
(٣) قول ابن اللبان شاذ منكر بل غلط صريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>