ويصح على الثَّاني، وكذا لو كانَ الراهن حاضرًا عند البيع.
قال الإمام: ومن قال بالمنع أول قوله في "المختصر" ولو شرط للمرتهن إذا حلّ الحق أن يبيعه، لم يجز أنْ يبيع لنفسه، إلاَّ بأن يحضر رب الدين، وقال: معناه إلاَّ أن يحضره الراهن فيبيعه، وهذا ما وعدت أن أذكره من تأويله، والله أعلم.
قال الرَّافِعِيُّ: التنازع في باب الرَّهْن يفرض في أمور:
أحدها: أصل العقد، فإذا قال رب الدين: رهنتني كذا، وأنكر المالك أو رهنتني عبدك بكذا فقال: بل ثوبي، فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الرَّهْن، وكذا لو اختلفا في قدر المرهون به، فقال الراهن: رهنته بألف، وقال المرتهن: بل بألفين، قال أبو حنيفة وأحمد، وعن مالك: أن القول قول من قيمة المرهون أقرب إلى ما يقوله. ولو اختلفا في قدر المرهون، فكذلك القول قول الراهن، ومن صوره أن يرهن أرضاً فيها أشجار، ثم قال الراهن: رهنت الأرض دون ما فيها، وقال المرتهن: بل بما فيها، وكذا لو قال: هذه الأشجار مرهونة منى كالأرض، وأنكر الراهن، ولو قال: رهنتها مع الأرض يوم رهن الأرض، وقال الراهن: إن هذه الأشجار أو بعضها لم تكن يوم رهن الأرض، وإنما أحدثتها بعدها، نظر إن كانت الأشجار بحيث لا يتصور وجودها يوم الرَّهْن فالمرتهن كاذب، والقول قول الراهن بلا يمين، وإن كانت بحيث لا يتصور حدوثها بعده، فالراهن كاذب، ثم إنْ سلم في معارضتها أنه رهن الأرض بما فيها كانت الأشجار مرهونة كما يقول المرتهن، ولا حاجة إلى التحليف فيها، وإنْ زعم رهن الأرض وحدها، أو رهن ما سوى الأشجار المختلف فيها، أو اقتصر على نفي الوجود، فلا يلزم من كذبه في إنكار الوجود. كونها مرهونة فيطالب بجواب دعوى الراهن، إن استمر على إنكار الوجود، واقتصر عليه جعل نَاكِلاً وردت اليمين على المرتهن، وإنْ رجع إلى الاعتراف بالوجود، وأنكر رهنها قبل إنكاره، وعرض عليه اليمين لجواز كونه صادقاً في نفي الرَّهْن، وإنْ كذبه في نفي الوجود، ولو كانت الأشجار بحيث تتحمل الوجود، يوم رهن الأرض والحدوث بعده، فالقول قول الراهن