بيان أنه متى يباع ومن يبيعه، وأنه لو أذن الراهن للمرتهن في بيعه ماذا حكمه؟ ونتكلم الآن في صيغة إذنه ببيان صور.
أحدها: لو قال للمرتهن: بع المرهون لي واستوف الثمن، ثم استوفه لنفسك صح منه البيع، والاستيفاء للراهن ثم لا يحصل الاستيفاء لنفسه بمجرد إدامة اليد والإمساك؛ لأن قوله: (ثم استوف لنفسك) مشعر بإحداث فعل فيه، فلا بد إذاً من إذن جديد لوكيل جديد على ما هو بيان القبض في المقدرات، ولو كانت الصيغة: ثم أمسكه لنفسك فلا بد من إحداث فعل أيضاً، أم يكفي مجرد الإمساك؟
حكى الإمام فيه وجهين، وقال: أولهما أظهرهما ثم إذا استوفاه لنفسه ففيه وجهان، ذكرناهما في نظائر المسألة في البيع لاتحاد القابض والمقبض، فإنْ صححناه برئت ذمة اراهن عن الدين، والمستوفى من ضمانه، وإنْ أفسدناه وهو الأصح لم يبرأ، ولكن يدخل المستوفى في ضمانه أيضاً، لأن القَبْضَ الفَاسِدَ كالصحيح في اقتضاء الضَّمَان.
الثانية: لو قال بعه واستوف الثمن لنفسك صحَّ البيع ولم يصح استيفاء الثمن؛ لأنه ما لم يصح قبض الراهن لا يتصور منه القبض لنفسه، هاهنا كما قبضه يصير مضموناً عليه.
الثالثة: لو قال: بعه لنفسك فقولان:
أصحهما: أن الإذن باطل، ولا يتمكن من البيع؛ لأنه لا يتصور أن يبيع الإنسان مال غيره لنفسه.
والثاني: حكاه صاحب "التقريب": أنه يصح اكتفاء بقوله: بع، وإلغاء لقوله: لنفسك، وأيضاً فإنَّ السابق إلى الفهم منه الأمر بالبيع لغرضه، وهو التوسل به إلى وفاء الدين.
الرابعة: لو أطلق وقال: بعه، ولم يقل: لي ولا لنفسك فوجهان:
أصحهما: صحة الإذن بالبيع ووقوعه للراهن، كما لو قال لأجنبي: بعه.
والثَّانِي: المنع، وعللوه بمعنيين:
أحدهما: أَنَّ البيع مستحق للمرتهن بعد حلول الحق والكلام مفروض فيه، وإذا وإن كذلك نقيد الإذن به، وصار كأنه قال: بعه لنفسك.
والثاني: أنه متهم في ترك النَّظر استعجالاً للوصول إلى الدين، وعلى التعليلين لو كان الدين مؤجلاً، فقال: بعه صح الإذن لعدم الاستحقاق والتهمة، فإن قال مع ذلك: واستوف حقك مِنْ ثمنه جاءت التهمة، ولو قدر له الثمن لم يصح على التعليل الأول،