للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما مر فليعلم قوله: (فطريقه) بالواو لذلك، وقوله: (ويبتدئ إحرامه بالحج ويتمه) أي: عند الإمكان، وهو ما إذا بقي وقت الوقوف، وبالله التوفيق.

الفَصْلُ الثَّانِي فِي سُنَنِ الإِحْرَامِ

قال الغزالي: وَهِيَ خَمْسَةٌ الأُولَى الغُسْلُ تَنَظُّفاً حَتَّى يُسَنَّ لِلحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، ويغْتَسِلُ الحَاجُّ لِسَبْعَةِ مَوَاطِنَ، لِلإحْرَامِ، وَدُخُولِ مَكَّةَ، وَالوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَبِمُزْدَلِفَةَ، وَلرَمْيِ الجَمَرَاتِ الثَّلاَثِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَجْتَمِعُونَ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ.

قال الرافعي: من سنن الإحرام أن يغتسل إذا أراده روى: "أَنَّهُ صَلَّى -صلى الله عليه وسلم- تَجَرَّدَ لإهْلاَلِهِ وَاغْتَسَلَ" (١).

ويستوي في استحبابه الرجل والصبيّ والمرأة وإن كانت حائضاً أو نفساءَ، لأن مقصود هذا الغسل التنظيف، وقطع الرائحة الكريهة، ودفع أذاها عن الناسِ عند اجتماعهم وقد روى: "أَنَّ أَسْمَاءِ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ نَفَسَتْ بذِي الْحُلَيفَةِ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَغْتَسِلَ لِلإحْرَامِ". ولو كانت يمكنها القيام بالميقات حتى تطهر، فالأولى أن أن تؤخر الإحْرَام حَتى تطهر وتغتسل (٢)، ليقع إحرامُها في أكْمَلِ حَاليْهَا.

وإذا لم يجد المحرم ماءً أو لم يقدر على استعماله تَيَمَّم، لأن التيمم يَنُوب عن الغُسلِ الواجب، فعن المندوب أولى، نص عليه في "الأم"، وبقد ذكرنا في غسل الجمعة أن الإمام أبدى احتمالاً في أنه هل يتيمم إذا لم يَجِد المَاء؟ وجعله صاحب الكتاب وجهاً، واختار أنه لا يتيمم، وذلك الاحتمال عَائِدٌ هاهنا بلا شك، وإن لم يجد من الماء ما يكفيه للغُسْلِ توضأ، قاله في "التهذيب" (٣).

وقوله في الكتاب: (حتى يسن للحائض والنفساء) يجوز إعلامه بالواو؛ لأن إبراهيم المروروذي -رحمه الله- حكى قولاً في أنه لا يسن لهما ذلك، وإذا اغتسلتا فهل تنويان؟ فيه نظر لإمام الحرمين- قَدَّس الله روحه-، والظاهر: أنهما تنويان، لأنهما تقيمان مسنوناً.


(١) أخرجه الترمذي (٨٣٠) من رواية زيد بن ثابت وحسنه، وذكره ابن السَّكن في صحاحه، وضعفه ابن القَطَّان. انظر: التخيص (٢/ ٣٥٦).
(٢) أخرجه مسلم (١٢٠٩، ١٢١٠) من حديث عائشة وجابر -رضي الله عنهما-.
(٣) قال النووي: هذا الذي قاله في "التهذيب" قاله أيضاً المحاملي: فإن أراد أنه يتوضأ ثم يتيمم، فحسن، وإن أراد الاقتصار على الوضوء، فليس بجيد؛ لأن المطلوب هو الغسل، فالتيمم يقوم مقامه دون الوضوء. ينظر الروضة (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>