للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه: "هو جار" يجوزُ أَنْ يُصْرَفَ إلى وَجْهِ امتناعِ استرقَاقِهم، أَيْ: كما يمتنع استرقاقُهم يَمْتَنِعُ سَبْيُ ذَرَارِيهم ونِسائِهم، ويجوزُ أَنْ يُصْرَفَ إلى الخلافِ.

فرعٌ:

إذا تَرَهَّبَتْ المرأةُ ففي جَوَازِ سَبْيِها وجهانِ، بناءً على القَوْلَيْنِ في جَوازِ قتل الرَّاهِبِ:

ولا يُقْتَلُ رسولُهم؛ لما روي عن ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلَيْن أَتَيَا النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَسُولَيْنِ لمسَيْلِمَة فقال لهم: أَتَشْهَدَانِ أَنَّي رَسُولُ الله، فقالا: نَشْهَدُ أنَّ مُسَيْلمةَ رسولُ الله، فقال عليه السلامُ: "لَوْ كُنْتُ قَاتِلاً رَسُولاً لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا". فجرت السنَّةُ أَلاَّ يُقْتَل الرسلُ (١):

قال الغَزَالِيُّ: (الرَّابِعَةُ): يَجُوزُ نصْبُ المِنجَنِيقِ عَلَى قِلاَعِهِمْ* وَإِنْ كَانُوا فِيهِمْ نِسْوَةٌ وَصِبْيَانٌ* وَكَذَا إِضْرَامُ النَّارِ وَإِرْسَالُ المَاءِ* وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِالنِّسَاءِ ضَرَبْنَا التُّرْسَ إِلاَّ إِذَا كَانُوا دَافِعِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ غَيْرَ مُقَاتِلِينَ لَنَا فَفِي جَوَازِ قَتْلِ النِّسَاءِ قَوْلاَنِ* وَإِنْ كَانُوا فِي القَلْعَةِ فَأَوْلَى بِالجَوَازِ كَيْلا يَنْجد ذَلِكَ حِيلَةً* وَإِنْ كَانَ فِي القَلْعَةِ أَسِيرٌ عَلِمْنَا أَنَّهُ تُصِيبِهِ النَّارُ وَالمَنجَنِيقُ احْتَرَزْنَا* وَإِنْ تَوَهَّمْنَا إِصَابَتَهُ فَقَوْلاَنِ* وَلَوْ تَتَرَّسَ كَافِرٌ بِمُسْلِمٍ لَمْ يُقْصَدِ المُسْلِمُ وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا فَإِنَّ ذَمَ المُسْلِمِ لاَ يُبَاحُ بِالخِوْفِ* وَإِنْ تَتَرَّسُوا فِي الصَّفِّ وَلَوْ تَرَكْنَاهُمْ لانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وَعَظُمَ الشَّرُّ فِفَيهِ وَجُهَانِ.

قال الرَّافِعِيُّ: المسألةُ الرابِعَةُ في مُحَاصَرَةِ الكفارِ (٢)، ومُقَاتلتهم بما يُعُمّهم بالهلاكِ ويجوز للإمامِ مُحَاصرتُهم في البلاد والحُصونِ والقِلاَعِ، وتشديد الأَمْرِ عليهم بالمنع من


(١) أخرجه أحمد [٣٦٤٢ - ٣٧٠٨ - ٣٧٦١ - ٣٨٣٧ - ٣٨٥١] والحاكم [٢/ ٥٣] من حديث ابن مسعود، ورواه أبو داود مختصراً وكذا النسائي، ولأبي داود من طريق ابن إسحاق عن شيخ من أشجع يقال له سعد بن طارق، عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي عن أبيه نعيم، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة: ما تقولان أنتما؟ قالا: نقول كما قال، قال: أما لولا أن الرسل لا تقتل، لقتلتكما، وروى أبو نعيم في معرفة الصحابة في ترجمة وبير بن شهر الحنفي: أن مسيلمة بعثه، وهو ابن شغاف الحنفي، وابن النواحة، وأما وبير فأسلم، وأما الآخران فشهدا أنه رسول الله، وأن مسيلمة من بعده، فقال: خذوهما، فأخذا، فأخرج بهما إلى البيت فحبسا، فقال رجل: هبهما لي يا رسول الله ففعل.
(٢) شرع الله قتال الكفار بكل ما يكفل لنا النصر عليهم والظفر بهم وإخضاعهم لشريعة الإسلام.
ولمّا كانت آلات القتال يختلف تأثيرها في التخريب والتدمر والفتك؛ اختلفت أنظار الفقهاء فيما يجوز استعماله منها وما لا يجوز -وإليك بيان كل من هذه الآراء وأدلتها من معقول ومنقول:
اتفق الفقهاء على جواز قتال الكفار بالآلات المستعملة عادة في الحروب كالسيف والرمح والنبل والرصاص والمدفع ونحوها عدا الماء والنّار. =

<<  <  ج: ص:  >  >>