للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن وَقَعَتْ حَاجَةٌ لِبَردٍ وغيره. قال القاضي الرُّويَانِيُّ: يستأذن الإِمام ويحسب عليه، ويجوز أن يَأْذَنَ في لُبْسِهِ بالأُجْرَةِ مُدَّةَ الحَاجَةِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ إلى المَغْنَم [ولا يجوز اسْتِعْمَالُ أَسْلِحَتِهِمْ أَيضاً، إلا أن يُضْطَرَّ إليها في القِتَالِ، فإذا انْقَضَى الحَرْبُ رَدَّهُ إلى المَغْنَمِ] (١).

وعند أبي حَنِيْفَةَ: يجوز اسْتِعْمَالُ أَسْلِحَتِهِمْ، ويجوز ذَبْحُ الحَيَوَانَاتِ المَأْكُولَةِ لُحُومُهَا، كما يجوز تَنَاوُلُ الأَطْعِمَةِ. وفي "البيان" حِكَايَةُ وَجْهٍ آخر؛ لأنَّ الحَاجَةَ إليه تَنْدُرُ والاعْتِمَادُ على الأوَّلِ ثُمَّ الذي يُوجَدُ لمعظم الأَصْحَابِ صَرِيحًا ودِلالَةً، التَّسْوِيَةُ بين الغَنَمِ وسائر الحَيَوَانَاتِ المأكولة، وهو الوجه.

وقال الإمَامُ: ما يُمْكِنُ أنْ يُسَاقَ يُسَاقُ، والغَنَمُ تُذْبَحُ؛ لأَنَّ الأَغْنَامَ كالأَطْعِمَةِ، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- حين سُئِلَ عن ضَالَّتِهَا: "هِيَ لَكَ، أَوْ لَأَخِيْكَ أَوْ لِلْذِّئْبِ" (٢) وَأَشَار إلى أَنَّ جَوَازَ الذَّبْح يَخْتَصُّ بالغَنَم، وهذا قَضِيَّةُ قوله في الكتاب: "ولا يجوز في الحَيَوَانَاتِ إِلاَّ في الغَنَم، فَإِنَّهُ طَعَامٌ" ثُمَّ ما يُذْبَحُ منها يجب رَدُّ جِلدِهِ إلى المَغْنَمِ، إِلاَّ ما يُؤْكَلُ منها مع اللَّحْمِ، ولا يجوز لِلذَّابح أَن يَتَّخِذَ من الجِلْدِ سِقَاءً، أو حِذَاءً أو شِرَاكاً، ويستعمله، ولو فعل رَدَّ المَصْنُوع كذلك ولا شَيْءَ له، وإن زَادَتْ قِيمَتُهُ بالصّنعَةِ، وإن نقص فعليه الأَرْشُ، وإن استعمله مُدَّةً، فعليه الأجْرَةُ.

وفي وجوب قِيمَةِ اللَّحْمِ إذا ذُبحَ الحَيَوَانُ المُجَوَّزُ ذَبْحُهُ وجهان:

في وجه: يجب لِنُدُورِ الحَاجَةِ إلى الذَّبْحِ، والأَصَحُّ المَنْع كما في الأَطْعِمَةِ، ودعوى النُّذُورِ مَمْنُوعَةٌ.

وقوله في الكتاب: "ولا يجب قِيمَةُ اللَّحْمِ، وإن أمكن سَوْقُ الغَنَم على أظهر الوجهين" أراد به هَذَيْنِ الوجهين، لكنَّهُ لَمَّا خَصَّصَ جَوَازَ الذَّبْحِ بالغَنَمِ أعادَ هاهنا ذِكْرَ الغَنَم، وقد يشير قوله: "وإن أمكن سَوقُ الغنم" إلى تَخْصِيصِ الوَجْهَيْنِ بما إذا أمكن السَّوْقُ، وإلى القَطْعِ بَأنَّهُ لا تجب القِيمَةُ إذا لم يمكن السَّوْقُ، ولا يبعد عن قول من يَمْنَعُ من ذِبْحِ ما سوى الغَنَمِ أن يمنع من ذَبْحِ الغَنَمِ التي يمكن سَوْقُهَا.

الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الأَخْذِ، وَقَدْرِ المَأْخُوذِ.

ويجوز أَخْذُ العَلَفِ والطَّعَامِ لمن يَحْتَاجُ إليه، وإن كان معه ما يُغْنِيهِ عنها، فوجهان.


(١) سقط من: ز.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>