للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الجعَالَةِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي الآبِقَ فَلَهُ دِرْهَمٌ مَثَلاً، وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَأَرْكَانُهَا أَربَعَةٌ: الأَوَّلُ: الصَّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الإِذْن في الرَّدِّ بِشَرْطِ عِوَضٍ، فَلَوْ رَدَّ إِنْسَانٌ ابْتِدَاءٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعُ فلاَ شَيْءَ لَهُ (ح م)، وَكَذَا إِذَا رَدَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ نِدَاءَهُ فَإِنَّهُ قَصَدَ التَّبَرُّعَ، وَإذَا كَذَّبَ الفُضُولِيَّ وَقَالَ: قال فُلاَنٌ مَنْ رَدَّ فَلَهُ دِرْهَمٌ فَلاَ يَسْتَحقُّ الرَّادُّ عَلَى المَالِكِ وَلاَ عَلَى الفُضُولِيِّ لأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ قَالَ الفُضُولِيُّ: مَنْ رَدَّ عَبْدَ فُلاَنٍ فَلَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ لأَنَّهُ ضَامِنُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مِنَ الأصحاب مَنْ أَوْرَدَ هذا البابَ في هذا الموْضِع، ومنْهمِ صاحِبُ "التَّهذيب" وجمهورُهم أورده في آخر "باب اللُّقَطَةِ" ولكلٍّ مناسبةٌ، فالأول لأنَّ للجَعَالة شبهاً ظاهراً بالإجارة.

والثاني: لأنَّ الحَاجةَ إلى هذا العَقْدِ في الأغلَب تقَعُ في الضَّوَالِّ والعبيد الآبقين، فحَسَنَ وصْلُه باللُّقطَة.

والجَعَالَةُ في اللُّغة (١): ما يُجْعَلُ للإنسان على شيْءٍ يفعله، وكذلك الجُعْل والجَعِيلةَ، وأمَّا في الشَّرْعِ فصورةُ عقْدِ الجَعَالَةِ أنْ يقولَ: مَنْ ردَّ عَلَىَّ عبْدي الآبِقَ أو


(١) الجعالة بفتح الجيم وكسرها وضمها: ما يجعل على العمل ويقال: جعلت له جعلاً، وأجعلت: أوجبت.
وقال ابن فارس في "المجمل": الجُعل، والجَعالة، والجعيلة: ما يعطاه الإنسان على الأمر يفعله، ينظر المطلع على أبواب المقنع ص (٢٨١).
عرفها الشافعية بأنه: التزام مطلق التصرف عوضاً معلوماً على عمل معين أو مجهول لمعين أو غيره.
عرفها المالكية بأنه: عقد معاوضة على عمل آدمي بعوض غير ناشئ عن محله به لا يجب إلا بتمامه.
حاشية الباجوري على ابن القاسم ٢/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>