للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الثَّانِي فِي المُسْتَحَاضَاتِ وَهُنَّ أَرْبَعَةٌ

قال الغزالي: [المُسْتَحَاضَةُ الأُولَى] مُبْتَدَأَة مُمَيِّزَةٌ تَرَى الدَّمَ القَوِيَّ (ح) أَوَّلاً فَتَحِيضُ فِي الدَّمِ القَوِيِّ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً وَلاَ يَنْقُصَ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَتَسْتَحِيضُ فَي الضَّعِيفِ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَنْقُصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشرَ يَوماً، وَالقَوِيُّ هُوَ الأَسْوَدُ أَوِ الأحْمَرُ بِالاِضَافَةِ إِلَى لَوْنٍ ضَعِيفٍ بَعْدَهُ، وَلَوْ رَأَتْ خَمْسَةً سَوَادًا ثُمَّ خَمْسَةً حُمْرَةً ثُمَّ أطْبَقَتِ الصُّفرَةُ فَالْحُمرَةَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ القُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَفِي وَجْهٍ: تُلْحَقُ بالسَّوَادِ إِذَا أَمْكَنَ الجَمْعُ إِلاَّ أَنْ تَصِيرَ الْحُمْرَةُ أَحَدَ عَشَرَ، وَفِي وَجْهٍ: تُلْحَقُ الحُمْرَةُ أَبَداً بِالصُّفْرَةِ.

قال الرافعي: المُسْتَحَاضَاتُ أربع؛ لأن التي جاوز دمها أكثر الحيض، إما أن تكون مبتدأة، وهي التي لم يسبق لها حَيْضٌ وطهر، أو معتادة وهي التي سبق لها ذلك، وعلى التَّقْدِيرين فإما أن تكون مميزة أو لا تكون، فالأصناف إذاً أربعة مبتدأة مميزة، ومبتدأة غير مميزة، معتادة مميزة، معتادة غير مميزة، وهذه أصناف اللواتي يتميز وقت حيضهن عن استحاضتهن. أما الناسية فلا يمكن التمييز في حَقِّها بين الحَيْضِ والاستحاضة، وتختص لذلك بأحكام، فأفرد لها باباً بعد هذا. (المُسْتَحَاضَةُ الأولى) المبتدأة المميزة هي التي ترى الدم على نَوْعَيْنَ، أحدهما أقوى أو على ثلاثة أنواع، أحدها أقوى، فترد إلى التَّميز على معنى أنها تكون حائضاً في أَيَّام القَوِيّ، مستحاضة في أيَّام الضَّعيف، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: ترد إلى أكثر الحيض وهو عشرة أيام (عنده) وتطهر باقي الشَّهر، لنا ما روي في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أمْرَأَةٌ أسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ قَالَ: لاَ؛ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنكِ الدَّمَ وَصَلِّي" (١).

وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: "دَمُ الْحَيض أَسْوَدُ وَأَنَّ لَهُ رَائِحَةً، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَدَعِي الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي" (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٢٨) ومسلم (٦٢ - ٣٣٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٢٨٦) والنسائي (١/ ١٨٥) والدارقطني (١/ ٢٠٧) والحاكم (١/ ١٧٤) وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>