قَالَ الرَّافِعِيُّ: لما تكلَّم الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- والأصْحَابُ في القِصَاصِ والدِّيَةِ والكَفَّارَةِ التي هي من مُوجِباتِ القَتْلِ، تكلموا فيما يُرْجَعُ إليه عند التَّنَازعُ بأَن يَدَّعِيَ الوَلِيُّ القَتْلَ على إِنْسَانٍ، فَيُنْكِرُ.
والذي يُعْتَمَدُ عليه عند الإِنْكَارِ قَوْلُ الشهود أو اليَمِينُ، إما من جهة المُدَّعِي، أو من جِهَةِ المُدَّعَى عليه، وذلك يُحْوِجُ إلى النظر في الدَّعْوَى واليَمِينِ والشهادة، فلذلك قال:"والنَّظَرُ في ثلاثة أُمُورٍ".
ثم اليمين تَنْقَسِمُ إلى: يمين القَسَامَةِ وغيرها.
ومعظم الغَرَضِ في الباب القَوْلُ في يمين القَسَامَةِ، فإنها [التي](١) تَخْتَصُّ بالدم، فأما القول في الدَّعْوَى، والبَيِّنَةِ، وسائر الأَيْمَانِ، فلا اختصاص لهما بما إذا كان المُدَّعَي دَماً، ولهما أبواب مُفْرَدَةٌ في مواضعهما، ولهذا المعنى تَرْجَمَ الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وأَكْثَرُ الأَصحاب البابَ بـ"كتاب القَسَامَةِ"، لا بـ"دَعْوَى الدَّمِ"، وترجم في "الوسيط" الكِتَابَ بـ"كتاب دَعْوى الدم والقَسَامَةِ والشهادة"؛ لاشْتِمالِهِ على الأمور الثلاثة، واقْتَصَرَها هنا على ذِكْرِ الدعوى؛ لأنها الأَمْرُ الأول، وعليه يَتَرَتَّبُ الأمران الآخران.