للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنَّه يقع الطلاق على الوسطيين؛ لأنَّ الاتحاد ليس بشرط في وقوع اسم الأوسط والوسطى (١)، وأنه لو قال لامرأتيه، المدخول بهما: أنتما طالقتان، ثم قال قبل أن يراجعهما إحداكما طالقٌ ثلاثاً، ولم يَنْوِ معيَّنة أو قال: أنْتِ يا طالق يا فلانة ثلاثاً أو أنت طالق يا فلانة ثلاثاً، ثم انقضت عدَّة إحداهما، لم تتعيَّن الأخرى؛ لوقوع الطلاق عليهما خلافاً لمحمد بن الحَسَن، بل يبقى الإبهام، فإن عيَّن في التي بَقِيَت عدتها، فذاك وإن عيَّن في الثانية، فيُبْنَى على أن التّعْيينَ بيان الواقع أو هو إيقاع؟ إن قلْنَا بالأول صَحَّ، وإن قلنا بالثاني فلا لأن الثانية لا تَقْبَلُ الإِيقاع، قال [و] (٢) الأوَّل أشبَه بالمَذْهب، وإذا انْقَضَت عدَّتها, لم يجز التزويج بواحدة منهما قبْل التعيين إلاَّ إذا نَكَحَت زوجاً آخَر، وذكر البوشنجي -رحمه الله- أنَّه لو قال لامرأته: أنْتِ طالقٌ عن هذا العَمَل لا ينبغي أن يقضي بوقوع الطلاق عليها لا ظاهراً ولا باطناً؛ لأن التطليق (٣) تخليص، وإنما خَلَّصَها عن العمل لا عن قيد النكاح، وإنما ينصرف عنْد الإطلاق إلى قيد النكاح؛ للعرف الشائع، وحَكَى فيما إذا قال لعبده (ازاد كردم ويرا) (٤) أمرين، هَلْ يعتق؟ اختلافَ جواب عن مشايخه الَّذين لقيهم -رحمهم الله- وإيانا.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الشَّطْرُ الثَّانِي مِنَ الكِتَابِ في التَّعْلِيقَاتِ، وَفِيهِ فُصُولٌ وَفُرُوعٌ: (الفَصْلُ الأوَّلُ في التَّعْلِيقِ بِالأَوْقَاتِ): فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ طُلِّقَتْ عِنْدَ اسْتِهْلاَلِ الهِلاَلِ، وَلَوْ قَالَ: فِي يَوْم السَّبْتِ فَعِنْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ، وَلَوْ قَالَ: آخِرَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ آخِرُ جُزْءٍ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ النِّصْفِ الأخِيرِ، وَلَوْ قَالَ: أَوَّلَ آخِر الشَّهْرِ فَهُوَ أَوَّلُ اليَوْمِ الأَخِيرِ، وَقِيلَ: أَوَّل النِّصْفِ الآخِرِ، وَلَوْ قَالَ: آخِر الأَوَّلِ فَهُوَ آخِرُ اليَوْمِ الأوَّلِ، وَقِيلَ: آخِرَ اللَّيْلَةِ الأُولَى، وَقِيلَ: آخِرَ النِّصْفِ الأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: فِي سَلْخِ الشَّهْرِ فَهُوَ آخِرُ جُزْءٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَقِيلَ: أَوَّلَ اليَوْمِ الأَخِيرِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: تبيَّن في أوَّل الطَّلاَق أن غَرَض هَذا الشَطْرِ الكَلاَمُ في تعليق الطَّلاَق بالشروط، وهو جائِزٌ، واستأنسوا له بما رُوِيَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "المُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ" (٥) وقاسُوه على العِتْق؛ فإن الشرع ورد بالتدبير، وهو تعليق العتق بالموت،


(١) قال الشيخ من زيادته: كلا الوجهين ضعيف والمختار ثالث وهو أنه تطلق واحدة من الوسطيين ويعينها الزوج لأن موضوع الوسطى لواحدة فلا يزاد.
قال في الخادم: ما اختاره الشيخ النووي أجاب به القاضي الحسين في تعليقه ثم نقل أن الشيخين ذكرا في باب الكتابة ما يوافق ذلك.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ب: التعليق.
(٤) جملة فارسية معناها: أعتقته.
(٥) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>