للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنها لا تثبت؛ لأن كل نَخْلَة متميزة بمكانها الذَّي تشرب منه، فأشبه افْتِرَاق المَاشِيَة في المَشْرَب، ونسب القاضي ابْنُ كَجٍّ هذا إلى اختيار أبي إسحاق، والأول إلى اختيار ابن أبي هريرة، ولا فرق في جميع ما ذكرنا بين الثِّمار والزُّروع وبين النَّقْدَين وأموال التِّجَارة على المَشْهُور وعن القَفَّال طريقة أخرى، وهي أن الخِلاَفَ في الثِّمَار والزُّروع في الخلطتين جميعاً وفي النَّقْدَين وأموال التجارة في خلطة المشاركة وحدها، وفي خلطة الجوار نقطع بأنها لا تثبت فيها، وهذه الطريقة هي التي أوردها الشّيخان الصَّيدلانيّ وأبو محمد، وذكرها صاحب الكتاب فقال: "ولا تؤثر خلطة الجوار في مال التجارة وفي الشيوع قولان" فأعلم قوله: "ولا تؤثر" بالواو، وقوله: "تؤثر خلطة الشيوع" بالميم والألف لما قدمناه، واعرف أنا حيث أثبتنا الخلاف وتركنا الترتيب حصلت ثلاثة أقوال كما ذكر في الكتاب:

أحدها: تأثير الخلطتين.

والثاني: المنع.

والثالث: تأثير خلطة الشيوع دون الأخرى، وفرعوا على الصحيح وهو تأثير الخلطتين فروعاً. منها: نخيل موقوفة على جماعة معينين في حائط واحد أثمرت خمسة أوسق لزمهم الزكاة، وساعدنا مالك في هذه الصورة ويمثله لو وقف أربعين شاة على جماعة معينين، هل تجب عليهم الزكاة؟ يبنى ذلك على أن المِلْك في الوَقْف، هل ينتقل إليهم؟ إن قلنا: لا، فلا زكاة عليهم، وإن قلنا: نعم، فوجهان:

أصحهما: لا زكاة لنقصان مِلْكهم كما في ملك المُكَاتب (١).

ومنها: لو استأجر أجيراً ليتعهد نخيله على ثمرة نخلة بعينها بعد خروج ثمارها وقبل بدوّ الصّلاح وشرط القَطْع لكن لم يتّفق القطع حتى بدا الصّلاح وكان مبلغ ما في الحائط نصاباً وجب على الأجير عشر ثمرة تلك النخلة وإن قلَّت.

قال الغزالي: الفَصْلُ الثَّانِي في التَّرَاجُعِ: وَلِلسَّاعي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ عُرْضِ المَالِ مَا يَتَّفِقُ ثُمَّ يُرْجِعُ المَأْخُوذَ مِنْهُ بِقِيمَةِ حِصَّةِ خَلِيطِهِ، فَلَوْ خَلَطَ أَرْبَعِينَ مِنَ البَقَرِ بِثَلاَثِينَ لِغَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى السَّاعيِ أَخْذُ المُسِنَّةِ مِنَ الأَرْبَعِيْنَ وَالتَّبِيعِ مِنَ الثَّلاَثِينَ بَلْ يَأْخُذُ كَيْفَ اتَّفَقَ،


(١) يوهم جواز إخراج الزكاة في الموقوف، وليس كذلك، بل يجب الإخراج في غيره رعاية لحق الواقف.
قال في المهمات: كذا رأيته في كتاب القولين والوجهين للمحاملي، وحينئذ فيبغي نظر المرهون وقد صرح الرافعي بأنه لا يخرج منه إذا ملك عشرة. ينظر الروضة (٢/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>