للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقدير الأول ما روي عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رَجُلاً قتل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَجَعَلَ ديته اثني عشر ألف درهم.

والجديد: أنّ الرجوع إلى قيمة الإبل بالغة ما بلغت لما روي عن عَمْرو بن شُعَيب عن أبيه عن جَدّه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُقَوِّم الإبل على أهل القرى، فإذا غلت رَفَعَ في قيمتها، وإذا هانت نقص من قيمتها (١)، وهذا ما اختاره المُزَنِيّ، وادعى أن القديم مرجوع عنه.

" التفريع"

إن قلنا بالقديم، فالاعتبار بالدراهم والدنانير المضروبة (٢) الخالصة دون التبر والمغشوش. وذكر الإِمام أن المعطِي يتخيّر بين الدراهم والدنانير، والذي أورده الجمهور أن على أهل الذَّهب الذهب، وعلى أهل الوَرِقِ الوَرِق، د إذا كان الواجب دية مغلّظة، بأن قتل في الحرم، أو قتل عمداً أو شبه عمد، فهل يزاد للتغليظ شيء؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا؛ لأن التغليظ في الإبل إنما ورد بالسِّنّ والصفة، لا بزيادة العَدَدِ، وذلك لا يوجد في الدراهم والدنانير، وهذا أحدها احتجّ به على فَسَاد القول القديم.

وقيل: المصير إليه يسقط أثر التغليظ.

والثّاني: أنَّه يزاد ثلث المقدر تغليظاً، فيجب ستة عشر ألف درهم، أو ألف دينار، أو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار، وبه قال أحمد لما روي عن عمر -رَضيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه قضى فيمن قتل في الحرم، أو في الأشهر الحرم أو محرماً بدية وثلث (٣).

وعن عثمان (٤) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه قضى في امرأة وطئت بالأقدام بـ"مكة" بدية


(١) أخرجه الشَّافعي عن مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب، ورواه أبو داود والنسائي من حديث محمد بن راشد عن عمرو بن شعيب أتم منه، وعن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بطوله. قاله الحافظ في التلخيص.
(٢) في ز: المصروفة.
(٣) رواه البيهقي من حديث مجاهد عن عمر أنَّه قضى فيمن قتل في الحرم، أو في الشهر الحرام. أو وهو محرم، بالدية وثلث الدية، وهو منقطع، وراويه ليث بن أبي سليم ضعيف، قال البيهقي: وروى عكرمة عن عمر ما دل على التغليظ في الشهر الحرام، وكذا قال ابن المنذر: روينا عن عمر بن الخطاب أنَّه من قتل في الحرم أو قتل محرماً، أو قتل في الشهر الحرام، فعليه الدية وثلت الدية.
(٤) قال الحافظ في التلخيص: وأما أثر عثمان فرواه الشَّافعي والبيهقي من حديث ابن أبي نجيح عن أبيه: أن رجلاً أوطأ امرأة بمكة، فقتلها، فقضى فيها عثمان بثمانية آلاف درهم، دية وثلثاً، لفظ الشَّافعي، وأما أثر ابن عباس فرواه البيهقي وابن حزم من طريق نافع بن جبير عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>