للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلث، وهي ثمانية آلاف درهم، وعلى هذا فلو تعدد سبب التغليظ بأن قتل محرماً في الحرم فوجهان:

أصحهما: أنَّه لا يزاد على الثلث شيء، ولا يتكرر التغليظ، كما لو قتل المحرم صيداً في الحرم لا يلزمه إلا جزاء واحد.

والثاني: أنَّه يزاد لكل سبب ثلث الدية، فيجب في قَتْلِ المحرم في الحرم عشرون ألفاً، ويروى ذلك عن ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (١) - وإن انضم إليه الوقوع في الأشهر الحرم، وجب أربعة وعشرون ألفاً، فإن كان القَتْل شبه عمد وجب ثمانية وعشرون ألفاً ويحكى هذا عن أحمد. وإن قلنا بالجديد، فتقوّم الإبل بغالب نَقْدِ البلد، ويراعى صِفَتُهَا في التغليظ، إن كانت مغلظة.

قال الإِمام: فإن غلب النَّقْدَان في البلد تخير للجاني، وتقوّم الإبل التي لو كانت موجودة وجب تسليمها، وإنْ كانت له إبل معيبة وجبت قيمة الصِّحَاح من ذلك الصنف، وإن لم يكن هناك إبل، فيقوم من صنف أقرب البلاد إليهم.

وحكى صاحب "التهذيب" وجهين في أنَّه يعتبر قيمة مواضع الموجود، أو قيمة بلدة الإعواز لو كانت الإبل موجودة فيها، والأشبه الثاني، ووقع في لفظ الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه يعتبر قيمة يوم الوُجُوب، والمراد على ما يفهمه كلام الأصحاب يوم وجوب التسليم ألا تراهم قالوا: إن الدية المؤجّلة على العَاقِلَةِ يقوم كلّ نجم منها عند محلّه.

وقال القاضي الروياني: إن وجبت الدية، والإبل مفقودة فيعتبر قيمتها يوم الوجوب. أما إذا وجبت وهي موجودة، فلم يتمكن (٢) من الأداء وحتى أعوزت يجب قيمته يوم الإِعْوَاز؛ لأن الحق يومئذ يحول إلى القيمة، وإن وجد بعض الإبل الواجبة أخذ الموجود، وقيمة الباقي.

وقوله في الكفار: "فيراعي غالب إبل البلد، وأقرب البلدان إليه" لا يخفى أنَّه ليس على التَّخيير، بل المعنى إلى (٣) أقرب البلدان إليه، إن لم يكن في البلد إبل، وفي السياق ما يبيّن أن المرعى الغالب إن لم يكن لمن عليه الدية إبل، وإن كانت وهي مُخَالفة للغالب، فهل يتعيّن؟ فيه وجهان وعلى الوجه الذي لا يتعين بتعين الغالب.


(١) قال الحافظ في التلخيص: قوله: يروى عن ابن عباس فيما إذا تعدد سبب التغليظ، فإنه يزاد لكل سبب ثلث الدية. قلت: هو ظاهر رواية البيهقي السالفة، لكن روى ابن حزم عنه من ذلك الوجه أن رجلاً قتل في البلد الحرام في الشهر الحرام، فقال ابن عباس: ديته اثنا عشر ألفاً، وللثهر الحرام، والبلد الحرام، أربعة آلاف، فظاهر هذا عدم التعدد.
(٢) في أ: يتفق الأداء.
(٣) في ز: إذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>