للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي حنيفة؛ أنه إن كان قاضيهم على اعتقاد أهل العدْل، نَفَذَ قضاؤه، وإن كان على اعتقادهم، لم ينْفذ، وبنَى ذلك على أن البغْيَ هل هو فسق؟ فعنده هو فسْقٌ، وعندنا ليس بفسْقِ على ما قدَّمنا، ومن الأصحاب مَنْ قسم البغْي إلى: ما هو فسْقٌ، وإلى ما ليس بفسْق، وَيرُدُّ قضاءَ الباغِي الذي بغْيُه فسقٌ، وسنذكر ذلك في "أدب القضاء"، وكما لا تُقْبَل شهادة الباغي، إذا كان من الخطّابية، لا ينفذ قضاء قاضيهم الذي يقضي لموافقيه (١) بتصديقهم، وإذا كتب قاضيهم (٢) وحيث ينفذ قضاؤه بما قضَى به إلى قاضي أهل العدْل، جاز قبوله (٣) وتنفيذه.

قال الأئمة: ويُسْتَحَبُّ إلاَّ يقبل استخفافاً بهم واستهانة.

وعن أبي حنيفة: أنه لا يجوز قبول كتابه، قال في "التتمة": وإنما يتحقَّق الخلاف، إذا كان قاضيهم من أهل العدْل، وإن كتب قاضيهم بسماع البينة دون الحُكْم المُبْرَم، فهل يحكم قاضينا به؟ فيه قولان:

أحدهما: لا؛ لما فيه من معاونة أهل البغْي وإقامة مناصبهم.

وأصحُّهما: نعم؛ لأن الكتاب الذي يَرِدُ له تعلُّق برعايانا، وإذا نفذ ما حكم قاضيهم لمصلحةُ رعاياهم؛ فلأن تُرَاعَى مصلحةُ رعايانا، كان أولَى، وحكى الإِمام عن رواية صاحب "التقريب"، والشيخ أبي محمَّد طرد القولين فيما أبرموه، واستعانوا فيه بالاستيفاء، وقال: كنت أود لو فَصَل فاصِلون (٤) بيْن الأحكام التي تتعلَّق بأصحاب النجدة والامتناع، وبين ما يتعلَّق بالرعايا.

" فَرْعٌ"

حكى القاضي ابن كج قولَيْن، فيما إذا ورد على قاضي أهل العدْل كتابٌ من قاضي أهل البغْي، وهو لا يدري أنه ممَّن يستحلُّ دماء أهل العدْل وأموالهم، أو ممَّن لا يستحل، وقال: اختيار الشافعيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- منهما أنه لا يَقْبَلُه، ولا يَعْمَل به.

[الحكم] (٥) الثاني: إذا أقام أهلُ البغْي الحدودَ على جناة البلَدِ الذي استولَوْا عليه، وأخذوا الزكاة من أهله أو خَرَاجَ أرضِهِ (٦) أو الجزيةَ من أهل الذمة فيه، اعتدَّ بما


(١) قال في الخادم: يستثنى ما إذا صرح الشاهد والقاضي بالسبب فإنه يقبل لأنه التهمة فقد زالت بالتصريح. حكاه في البحر وقال: نص الشَّافعي على أن القاضي إذا كان مذهبه الحكم لموافقيه ولم يبين السبب لا ينفذ حكمه.
(٢) بعد اعتبار صفات القاضي منه.
(٣) لأن لهم تأويلاً يسوغ فيه الاجتهاد.
(٤) في ز: فاصل.
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: أزمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>