للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القطع بالقبول وحمل قول الشَّافعي -رضي الله عنه-، فيمن أجاز الإقرار لوارث أجازه، ومن أبى رده على حكايته مذهب الغير، وهذه الطريقة أصح عند صاحب الكتاب. والأكثرون رجحوا طريقة القولين ونقلوا عن "الإملاء" نصه على المنع.

وفي "تعليق الشيخ أَبِي حَامِدٍ"، أنه رجع إليها بعد ما كان يقول بطريق القطع بالقبول. وقال مالك رحمه الله: إن كان المقر منهما لم يقبل إقراره، وإلاَّ قبل، ويجتهد الحاكم فيه، واختاره القاضي الروياني لفساد الزمان.

[التفريع]

إن قلنا: لا يقبل، فالاعتبار في كونه وراثًا بحال الموت، أم بحال الإقرار؟ قيل: فيه وجهان. وقيل: قولان:

الجديد: أن الاعتبار بحال الموت، كما في الوصية، وهذا لأن المنع من القبول كونه وارثًا، والوراثة تتعلق بحالة الموت، وبهذا قال أبو حنيفة. والقديم وبه قال مالك رحمه الله أن الاعتبار بحال الإقرار؛ لأن التهمة حينئذ تمكن.

والأول: أظهر في المذهب وأشهر.

وبالثاني: قال أَبُو إِسْحَاقَ، واختاره القاضي الروياني.

فعلى الأول: لو أقر لزوجته، ثم أبانها، أو لأخته، ثم ولد له ابن صَحَّ الإقرار، ولو أقر لأجنبية، ثم نكحها، أو لاخته، وله ابن فمات لم يصح.

وعلى الثاني: الحكم فيهما بالعكس، ولو أقر في المرض بأنه كان قد وهب من وارثه، وأقبض في الصحة، أشار الإمام رحمه الله إلى طريقين.

أحدهما: القطع بالمنع لذكره ما هو عاجز عن إنشائه في الحال.

والثاني: أنه على القولين في الإقرار للوارث، ورجح صاحب الكتاب هاهنا عدم القبول، واختار القاضي الحُسَيْنُ القبول (١)؛ لأنه قد يكون صادقًا فيه، فليكن ذلك له طريقًا إلى إيصال الحق إلى المستحق.

ولو أقر لوارثه ولأجنبي معاً، هل يصح في نصفه للأجنبي إذا لم يقبل؟ فيه قولان لابن سُرِيْجٍ، الظاهر الصحة.

المسألة الثانية: أقر في صحته بِدَيْنٍ لإنسان، وفي مرضه بدين لآخر، فهما سواء،


(١) قال النووي: والقبول أرجح. ينظر الروضة ٤/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>