للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو ثبتا بالبينة، وكما أقرّ بهما في الصحة، أو المرض (١).

وقال أبو حنيفة رحمه الله: يقدم ما أقر به في الصحة حتى لو لم يفضل عنه شيء، فلا شيء له.

ولو أقر في صحته، أو مرضه بدين، ثم مات، فأقر وارثه عليه بدين آخر، فوجهان:

أحدهما: أنهما سواء يتضاربان في التركة، كما لو ثبت الدَّيْنَانِ بالبينة، وكما لو أقر بهما في حياته، فإن الوارث خليفته وإقراره كإقراره. (٢)

والثاني: أنه يقدم ما يقر به المورث؛ لأنه بالموت تعلّق بالتركة، فليس للوارث صرف التركة عنه، والوجهان جاريان فيما لو أقر لوراث بِدَيْنٍ عليه، ثم أقر لآخر بدين آخر عليه، وهما مبنيان على أن المحجور عليه بالفلس، إذا أقر بدين أسنده إلى ما قبل الحجر، هل يقبل إقراره في زحمة الغرماء؟ وفيه قولان، والتركة كمال المحجور عليه من حيث إن الورثة ممنوعون من التصرف فيها، وهذا معنى قوله في الكتاب: "لوقوع إقرار الوارث بعد الحجر" وإطلاقه القولين في المسألة خلاف رواية الجمهور، فإنهم جعلوها وجهين، ويمكن تنزيلهما على أنهما مخرجان من مسألة المفلس.

وقوله في تصوير المسألة: "بدين مستغرق" قيد الاستغراق غير محتاج إليه، بل الخلاف ثابت فيما إذا زادت التركة على قدر الدَّين الأول.

ففي وجه يوزع عليهما.

وفي وجه يوفي الأول بتمامه، ويصرف الفاضل إلى الثاني، ولو ثبت عليه دَيْنٌ في حياته بالبينة، ثم مات فأقر وارثه عليه بدين، جرى الخلاف أيضاً، فإذاً ليس من الشرط أن يكون ثبوت الدين الأول بالإقرار وما الأظهر من الخلاف؛ أشار بعضهم إلى ترجيح وجه التقديم.

وقال في "التهذيب" التسوية أصح، وهو موافق لما مر في مسألة المفلس، وإن ثبت عليه دَيْنٌ في حياته، أو موته، ثم ترد بهيمة في بئر كان قد احتقرها في محلّ عدوان، ففي مزاحمة صاحب البهيمة رب الذين القديم ما سبق، فيما إذا جنى المفلس


(١) حكى في "البيان" قولاً شاذا أن دين الصحة يقدم.
(٢) قال الشيخ البلقيني: ولو أقر الوارث لمشاركة في الإرث وهما مستغرقان كزوجة وابن أقر لها بدين على أبيه، وهي مصدقة له ضاربت بسبعة أثمان الدين مع أصحاب الديون؛ لأن الإقرار صدر ممن عبارته نافذة في سبعة أثمان فعملت عبارته فيها كعمل عبارة الحائز في الكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>