للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الحجر عليه، قاله في "التتمة"، وإذا مات، وخلّف ألف درهم، فجاء مدعٍ وادعى أنه أوصى له بثلث ماله، فصدقه الوراث، ثم جاء آخر، وادعى عليه ألف درهم دينًا، فصدقه الوراث قيل يصرف الثلث إلى الوصي لتقدمها.

وقيل: يقدم الدين على الوصية كما هو وضع الشرع فيهما، وهذا يخرج على قولنا بأن إقراري الوارث والموروث يتساويان، ولو صدق مدعي الدَّين أولاً صرف المال إليه على قياس الوجهين جميعًا، ولو صدق المدعيين معًا، فالحكاية عن أكثر أنه يقسم الألف بينهما أرباعًا؛ لأنَّا نحتاج إلى الألف للدَّين، وإلى ثلث الألف للوصيه، فيتزاحم على الألف وثلث الألف، فيخص الوصية بثلث عائل، وهو الربع.

وعن الصيدلاني: أنه تسقط الوصية، ويقدم الدَّين، كما ثبتا بالبينة، وهذا هو الحق سواء قدمنا عند ترتيب الإقرارين الأول منهما،

أو سوينا بينهما, ولو أقر المريض بعين ماله لإنسان، ثم أقر بدين لآخر مستغرق، أو غير مستغرق سلمت العين وللمقر له بها, ولا شيء للثاني؛ لأنه مات المقر، ولا يعرف له مال، ولو أقر بالدَّين أولا، ثم أقر بعين ماله فوجهان:

أصحهما: أن الحكم، كما في الصورة الأولى؛ لأن الإقرار بالدَّين لا يتضمن حجرًا في العين، ألا ترى أنه تنفذ تصرفاته فيه؟

والثاني: وبه قال أبو حنيفة رحمه الله: أنهما يتزاحمان؛ لأن لأحد الإقرارين قوة السبق، وللآخر الإضافة إلى العين، فاستويا, ولا يخفى أن التعرض للاستغراق في المسألة اتفاق غير محتاج إليه، والله اعلم.

ويشترط في المقر الاختيار، فإقرار المكره على الإقرار باطل، كسائر تصرفاته (١).


(١) قال النووي: ولو ضُرب ليقر، فأقر في حال الضرب، لم يصح. وإن ضرب ليصدق في القضية، قال الماوردي في "الأحكام السلطانية": إن أقر في حال الضرب، ترك ضربه واستعيد إقراره، فإن أقر بعد الضرب، عمل به، ولو لم يستعده وعمل بالإقرار حال الضرب، جاز مع الكراهة، هذا كلام الماوردي. وقبول إقراره حال الضرب مشكل، لأنه قريب من المكره، ولكنه ليس مكرهاً، فإن المكرَه هو مَن كره على شيء واحد، وهنا إنما ضُرب ليصدق، ولا ينحصر الصدق في الإقرار. وقبول إقراره بعد الضرب، فيه نظر إن على ظنه إعادة الضرب إن لم يقّر.
قوله: إنما ضرب ليصدق صحيح، ولكن إذا انحصر الصدق في هذا صار مكرهاً عليه، وهو صورة المسألة. قال: وخطر لي أن يقال الإكراه إنما أبطل حكم الإقرار لأنه قد يقر كاذبًا في الإكراه على الصدق لا يأتي ذلك لأن الإقرار المأتي به إن كان كذبًا فهو غير المكره عليه فليزم من إبطاله بالإكراه عدم إبطاله، وما أدى إبطاله إلى عدم إبطاله لا يبطل، وقد تقاوم معنا أمران: =

<<  <  ج: ص:  >  >>