للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو نَكَحَهَا على أن لا مَهْرَ لها، ولا نَفَقَةَ، أو على أن لا مَهْرَ لها، وتُعْطِي زوجها الْفاً، فهذا أبْلَغُ في التفويض، ولو قالت للولي: زوجني بلا مَهْرٍ، فزوجها بالمهر، نظر إن زوَّجَهَا، بِمَهْرِ المِثْلِ من نَقْدِ البَلَدِ، صح المسمى، وإن زَوَّجَهَا بدون مَهْر المِثْلِ، أو بغير نَقْدِ البلد، لم يَلْزَمِ المسمى، وكان كما لو نَكَحَهَا على صُورَةِ التَّفْوِيضِ.

" الفَصْلُ الثَّانِي" "في حُكْمِ المَهْرِ إِذَا جَرَى التَّفْوِيضُ"

وفيه مسألتان:

إحداهما: هل تَسْتَحِقّ المُفوَّضَةُ المَهْرَ بنفس العَقْد؟ فيه طريقان:

أظهرهما: وهو المَذْكُورُ في الكتاب أنه على قولين (١) أنه لا يَجِبُ بِنَفْس العَقْدِ شَيْءٌ؛ لأن المَهْرَ حَقُّهَا، فإذا رَضِيَتْ بأَلاَّ يَثْبُتَ وجب ألا يَثْبُتَ، كما أنها إذا رَضِيَتْ بأَلاَّ ينفي.

والثاني: يَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنا نحكم لها بالمَهْرِ عند الوطء، والوطء لا يجوز أن يُوجِبَ المَهْرَ؛ لأَن المَهْرَ إذا لم يجب بالعَقْدِ يكون الوطء تَصَرُّفًا فيما مَلَكَهُ بغَيْرِ بَدَلٍ، والتَّصَرُّفُ فيما يَمْلِكُهُ بغير بدل لا يُوجِبُ ضَمَانًا، كما إذا وَهَبَ منه الطَّعَامَ، فأكله.

والثاني: القَطْعُ بالقول الثاني، وإذا قلنا بالطريقة الأُولَى، فما حال قَوْلِ الوُجُوبِ؟.

أشار الشيخ أبو مُحَمَّدٍ: إلى أنه مَنْصُوصٌ، والأظهر أنه مُخَرَّجٌ، واختلفوا في أنه مم مخرج من القول بوجوب المَهْرِ، فيما إذا مات أَحَدُ الزوجين في صُورَةِ التَّفْوِيضِ على ما سيأتي.

ووجه التَّخْرِيج أن المَوْتَ لا يَصْلُحُ مُوُجبًا، بدليل الموت في النِّكَاحِ الفَاسِدِ، وإذا لم يَحْصُلُ الوُجُوبُ بالموت [كان سابقًا] (٢) عليه، وقيل: هو مُخَرَّجٌ من قولنا: إنه لا بدّ في الفَرْضِ من العِلْمِ بِمَهْرِ المِثْلِ، وذلك يَدُلُّ على أن المَفْرُوضَ بَدَلٌ ينتقل إليه عن المَهْرِ الواجب.

فإن قلنا: لا يجب بالعَقْدِ، فلو وَطِئَهَا، يجب مَهْرُ المثل؛ لأن البُضْعَ لا يَتَمَحَّضُ حَقّاً للمرأة، بل فيه حَقُّ الله -تعالى- ألا ترى أنه لا يُبَاحُ بالإِبَاحَةِ، فَيْصَانُ عن التَّصَوُّرِ


(١) في ب: قولين أصحهما.
(٢) في ب: كان الوجوب سابقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>