للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الثَّمَنِ في البيع لا يُحْتَاجُ إليه؛ لأن البَيْعَ لا يَخْلُو عنه، ومن التّفْوِيض الصحيح أن يقول سَيِّدُ الأمة: زَوَّجْتُهَا بلا مَهْرٍ، أَلْحَقُوا به ما إذا سكت عن ذكر المَهْرِ (١)، وقد يقوي بهذا ما ذكره العراقيون. ولو أَذِنَتْ في التَّزْوِيجِ على أن لا مَهْرَ لها في الحال، ولا عند الدُّخُولِ، ولا غيره، فَزَوَّجَها الولي كذلك، وقلنا بِظَاهِرِ المذهب وهو وُجُوبُ المَهْرِ، عند الدخول، ففي صحة النِّكَاحِ وجهان:

أحدهما: المنع، ويحكى عن ابن أبي هُرَيْرَةِ -رضي الله عنه- لأن لا مَهْرَ لها بحال مَوْهُوبَةٌ، ونكاح المَوْهُوبَةِ مختصٌّ بالنَّبِيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-.

وأشبههما: الصحة وعلى هذا، فهو تفْوِيضٌ فاسِدٌ، فيجب مَهْرُ المثل يُلْغَى النَّفْيُ في المستقبل ويقال: إنه تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ؟ فيه وجهان:

وبالأول: قال أبو إسحاق تَوْجِيهًا بأنّه شَرْطٌ فَاسِدٌ، والشَّرْطُ الفَاسِدُ في النكاح يُوجِبُ مَهْرَ المِثْلِ (٢)، ولو أنكحها الولي، ونَفَى المَهْرَ، من غير أن تَرْضَى هي بِمَهْرِ المِثْلِ، فهو كما لو نقص عن مَهْرِ المِثْلِ (٣)، فإن كان مُجْبَرًا، فَيَصِحُّ النِّكَاحُ، ويجب مَهْرُ المِثْلِ، أو يبطل فيه قولان.

وإن كان غير مُجْبَرٍ، فيجري القولان، أو يُجْزَمُ بالبُطْلاَنِ؟ فيه طريقان وقد سَبَقَ جميع ذلك عن ابن أبي هُرَيْرَةَ أن يَصِحُّ تفويض الوَليِّ المجبر، إذا صححنا عَفْوَهُ.

ولا يَصِحُّ تَفْوِيضُ السَّفيهَةِ المَحْجُورِ عليها، ولا تَفْوِيضُ الصَّبِيَّةِ، وإن كانت مُمَيِّزَةً، وتَفَّوِيضُهَا في المهر لعدم التفويض.

وأشار في الكتاب بقوله: تَفْويِض السَّفِيهَةِ لا يُعْتَبَرُ في إسقاط المهر" إلى أنها إذا قالت: زَوِّجْنِي بلا مَهْرٍ، يستفيد به الإِذن في النكاح، فلا يَلْغُو قَوْلُهَا على الإِطلاق، وإنما يَلْغُو فيما يرجع إلى المَهْرِ.


(١) قال في الخادم: يستثنى منه المكاتبة والمأذونة في التجارة إذا ركبها الديون في الموصي بنفقتها إذا قلنا المهر الموصى له، وأمة القراض إذا فرعنا على أن المهر مال قراض.
(٢) قال في الخادم: أرسل الوجهين بلا ترجيح، والذي يقتضيه إيراد جمهور العراقيين الأول وأخذه من كلام الأذرعي.
(٣) قال الشيخ البلقيني قوله من غير أن ترضي أن ضبط بالياء آخر الحروف، فغير محتاج إلى هذه اللفظة لأن الصورة أنه نفي المهر، فقوله من غير أن ترضي بمهر المثل كلام لا يستقيم وإن ضبط بالتاء المثناة من فوق، فهذا إن كان قبل العقد فهي أذنته بمهر المثل، فإذا بقي الولي المهر جاء الخلاف، وإن كان الوصي بعد العقد، فالخلاف في صحة النكاح ثابت أيضًا، فلا حاجة إلى هذه اللفظة كيف ما كان الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>