فَرْعٌ:
إذا التقَطَ لُقْطَةً، ثم أعتَقَهُ السَّيِّلُ فإن صحَّحنا التقاطهُ، فهي كسب عبده يأخُذُهَا السَّيِّدَ، ويُعرِّفُها، ويتملَّكُها، فإنْ كانَ العبْدُ قد عَرَّف، اعتد به، هذا ظاهرُ المذهبِ.
وعن ابنِ القَطَّانِ وجهان في أنَّ السَّيدَ أحَقُّ بها؛ اعتباراً بوقْت الالْتِقَاط، أو العَبْدَ؛ اعتباراً بوَقْتِ الملك، وشبهها بما إذَا أعْتِقَتْ تحت عبْدٍ، ولم تفسخُ، حتى عَتَقَ العبْدُ.
وإن لم نصحِّحْ التقاطَه؟
قال القاضي ابْنُ كجٍّ للسَّيِّد حَقُّ التملُّك، إذا قلنا: إنَّ للسَّيِّدِ التملُّك على هذا القَوْل.
جوابُ معْظَم الأصْحَاب أنَّهُ ليْسَ للسَّيِّد أخْذُهَا؛ لأنَّ حقَّ السَّيِّدِ لم يتعلَّقْ بها؛ لكَوْنِ العبْدِ متعدِّياً، وقد زالَتْ ولايتُهُ بالعِتْقِ، وعلَى هذا، فهل لِلعَبْدِ تملُّكهَا؟ فيه وجهان:
أَظْهَرُهُمَا: نعم، ويُجْعَلُ كأنه التقَطَ بعد الحُرِّيَةَ.
والثاني: المنعُ؛ لأنَّه لم يكنْ أَهْلاً للأخذ، فعلَيْه تسليمُها إلى الإمَامِ.
ثم في الفصْل صورتان:
إحداهما: في التقاط المكَاتَبِ طريقان:
أحدهما: أنَّهُ على القَوليْنِ في التقاطِ القِنِّ؛ لتعارُضِ معْنى الوِلاية والاكتسابِ.
وثانيهما: القَطْعُ بصحَّتِهِ؛ لأنَّهُ مستقلٌّ بالتملُّكِ والتصرُّفِ كالحُرِّ، وله ذمَّةٌ يمْكِنُ استيفاءُ الحقوقِ منها، وهذا ظاهرُ نَصِّهِ في "المختصر"، واختيارُ صاحِب "التهذيب"، لكنَّ الأَوَّلَ أَصَحُّ عنْد الأكثرِينَ، إلاَّ أنَّ أصحَّ القولَيْن هاهنا باتِّفاقِ الناقِلينَ صِحَّتُهُ.
وقوله في الكتاب: "كالحُرِّ عَلَى الأصحِّ" محتملٌ لأصحِّ القولَيْن، ولأصحِّ الطريقين؛ اختياراً للثاني، ووراءَ ذلك أمورٌ تُسْتَغْرَبُ:
أَحَدُهَا: عن ابن القَطَّانِ رواية طريقةِ قاطعةٍ بالمَنْعِ، بخلافِ القِنِّ؛ لأنَّ سيِّدِه ينتزعه من يَدِهِ، والمكاتَبُ انقطعَتْ ولايةُ السَّيِّدِ عنْه عَلَى نقصانه.
والثاني: حَكَى القاضي ابْنُ كَجٍّ اختلافاً في أنَّ الخِلاَفَ المَذْكُورَ في المكاتَبِ، سواءٌ صحَّت الكتابةُ أو فَسَدَتْ، أو في المكاتَب كتابة صحيحة؟
وأمَّا المكاتَبُ كتابةً فاسدةً فهو كالقِنِّ لا محالةَ، والصَّحيحُ الثَّاني.
والثالث: نَقَلَ الإمامُ عن تفْريع العراقِيِّين علَى القَطْع بالصِّحَّة أنَّ في إبقاء اللّقَطَةِ